للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويذكر الحديث (١) : "نظر إلى نَعَم بني فلانٍ وقد عَبِسَتْ في أبوالها". يقول: "وإنما عَدَّاه بـ"في"؛ لأنَّه أعطاه معنى انغَمَسَتْ.".

ولابن الأثير قدم راسخة في مباحث البلاغة العربية، بمختلف صنوفها وفنونها، ويتضح من"نهايته": اهتمامه ببيان الوجه البلاغي في الحديث الغريب، الذي توجَّه لشرحه، فيشير إلى التشبيه ووجهه، والاستعارة، والكناية، وغير ذلك من فنونِ البلاغة، ومن ذلك قوله في حديث الحسن في ابن عباس (٢) : "إنه كان مِثَجا". أي: كان يصبُّ الكلام صَبا، شبَّه فصاحته وغزارةَ منطقه بالماء المثجُوج، والمِثَجُّ من أبنية المبالغة".

وفي الحديث (٣) : "ويَفْتَرُّ عن مثل حَبِّ الغَمام". يقول: "يعني البَرَدَ، شبَّه به ثَغْره في بياضه وصفائه وبَرْدِه".

وفي الحديث (٤) : "وتقيءُ الأرضُ أفلاذَ كَبِدِها". يقول: "أي تُخْرِجُ كنوزَها المدفونة فيها، وهو استعارةٌ".

وفي حديث الحديبية (٥) : "قد لبسوا لك جلودَ النّمور". يقول: "هو كناية عن شدَّة الحقد والغضبِ، تشبيهاً بأخلاق النِمر وشراسته".

وفي حديث إبراهيم (٦) : "فضاق بذلك ذَرْعاً". يقول: "ومعنى ضيق الذِّراع والذَّرْع قِصَرُها. ووجه التمثيل: أنَّ القصير الذراع لا ينالُ ما يناله


(١) النهاية: ٣ / ١٧١.
(٢) النهاية: ١ / ٢٠٧.
(٣) النهاية: ١ / ٣٢٦.
(٤) النهاية: ٣ / ٤٧٠.
(٥) النهاية: ٥ / ١١٨.
(٦) النهاية: ٢ / ١٥٨.

<<  <   >  >>