للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لأنّ فاءه همزةٌ، والهمزةُ لا تُدْغم في التاء". وقال الجوهري (١) : "الاتخاذ افتعال من الأخذ، إلا أنه أدغم بعد تليين الهمزة وإبدالِ التاء، ثم لمَّا كَثُر استعماله بلفظ الافتعال توهَّموا أنَّ التاء أصلية فبنَوا منه فَعِل يَفْعَلُ، قالوا: تَخِذَ يَتْخَذُ"، وأهل العربية على خلاف ما قال الجوهري.

وأمَّا جانب الأدوات فلابن الأثير باع طويل فيه، حيث وصل في خدمته للحديث الشريف إلى دقيق المسائل، وأجلى كثيراً من الغوامض والمبهمات، وكان تحليلُه للأدواتِ الواردةِ في الحديث، يُنْبئ عن فقه لغوي سديد في العربية. ففي حديث الحج (٢) : إنكم على إرثٍ من إرثِ أبيكم إبراهيم"، يقول: " (مِنْ) هنا للتبيين، مثلُها في قوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ} [الحج الآية: ٣٠] .

وأورد حديث أنس (٣) : "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم- آلى من نسائه شهراً". أي: حَلَفَ لا يدخل عليهن. ويقول: "وإنَّما عدَّاه بـ"من"حَمْلاً على المعنى، وهو الامتناعُ من الدخول، وهو يتعدَّى بـ من".

ويردُّ (٤) على الجوهري (٥) الذي يقول: "ولا يُقال بنى بأهله". ويرى ابن الأثير أنَّ هذا الحكم فيه نظر، ويستشهد على تعدِّيه بالباء بالحديث: "في مبتنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بزينب".


(١) الصحاح (أخذ) : ٢ / ٥٥٩.
(٢) النهاية: ١ / ٣٧.
(٣) النهاية: ١ / ٦٢.
(٤) النهاية: ١ / ١٥٨.
(٥) الصحاح: (بني) : ٦ / ٢٢٨٦.

<<  <   >  >>