للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

نَصْبَ المصادرِ، أي بإقرارِك لله وتعميرك له بالبقاء".

ويتعامل ابن الأثير مع المسائل الصرفية تعاملَ الخبير بأغوارها العارف بأوزانها وجذورها، وما يلحقها من إعلال وإبدال وحذف. ففي الحديث (١) : "فأدخلتُها الدَّوْلَجَ". يقول: "أصله وَوْلَج لأنه فَوْعَلٌ، من وَلَجَ يَلِجُ إذا دخل، فأبدلوا من الواو تاء فقالوا: تَوْلَج، ثم أبدلوا من التاء دالاً فقالوا: دَوْلج، والواو فيه زائدة".

وفي الحديث (٢) : "فادَّخَروا" يقول ابن الأثير: "وأصل الادِّخار اذْتِخار وهو افتعال من الذُّخْر، فلما أرادوا أن يُدْغموا ليخفَّ النطق قلبوا التاء إلى ما يقاربُها من الحروف، وهو الدال المهملة لأنهما من مَخْرَج واحد، فصارت اللفظة مُذْدَخِرٌ، بذال ودال، ولهم حينئذٍ مذهبان أحدهما: وهو الأكثر أن تُقْلَبَ الذال دالاً، وتُدْغم فيها، فتصير دالاً مشددة. والثاني: وهو الأقل أن تُقْلَبَ الدال المهملة ذالاً، وتُدْغَم فتصير ذالاً مشددة".

ويتعرض صاحب"النهاية"للفظة"الأَشاء" (٣) الواردة في الحديث، فيقول: "الأشاء صغار النخل، الواحدة أَشاءة، وهمزتُها منقلبةٌ من الياء؛ لأنَّ تصغيرَها أُشَيٌّ، ولو كانت أصلية لقيل أُشَيْء".

ويذكر لفظة"يتخذ" (٤) ويقول: "هو افتعل من"تَخِذَ"، فأدغم إحدى التاءين في الأخرى، وليس من"أخذ"في شيءٍ، فإنَّ الافتعال من أخذ ائتخذ؛


(١) النهاية: ٢ / ١٤١.
(٢) النهاية: ٢ / ١٥٥.
(٣) النهاية: ١ / ٥١.
(٤) النهاية: ١ / ١٨٣.

<<  <   >  >>