للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الرأي المختار:

لم أقف على حجة لما ذهب إليه ابن الزبير رضي الله عنه ومن معه. غاية ما ذكره العلماء عن ابن الزبير: أنه فعل ذلك. فعن مجاهد قال: خرج ابن الزبير، وابن عمر رضي الله عنهم فاعتمروا من الجعرانة، وفيه: “.. فلما دخل ابن الزبير، ناداه ابن عمر: أرمل الثلاث الأول. فرمل ابن الزبير السبع كله” ١. وعنه أنه كان يُسرع المشي في الطواف، وربما كان يرمل السبع كله ٢. وقال النووي: “ قال عبد الله بن الزبير: يُسن ـ أي: الرمل ـ في الطوفات السبع” ٣.

ولا ريب أن مثل ذلك لا تُعارض به السُّنَّة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في اقتصار الرمل على الأشواط الثلاثة الأول٤. والأقرب في تأويل فعل ابن الزبير ما جاء من أنه كان يُسرع المشي في الطواف، فكان الناظر إليه يحسبه يرمل الأشواط كلها. فعن عمرو بن دينار قال: رأيت ابن الزبير يطوف بالبيت، فيُسرع المشي، ما رأيت أسرع مشياً منه ٥.


١ أخرجه ابن حزم في المحلى من طريق عبد الرزاق ٧/٩٦. وأورده في القرى ص ٣٠٣.
٢ أورده في القرى ص ٣٠٣.
٣ شرح صحيح مسلم ٩/١٠.
٤ مضى تقرير ذلك في دليل مشروعية الرمل، وفي أول هذا المطلب.
٥ القِرى ص ٣٠٤. وقال: وأخرج حديث ابن الزبير سعيد بن منصور، والبيهقي. ولفظه: "إن ابن الزبير كان يُسرع في المشي في الطواف" وأخرجه عبد الرزاق ٥/٥٦ “٨٩٨٢”، والفاكهي في أخبار مكة ١/٢١٤ “٣٦٩”.
وقد سئل مالك عن الطائف بالبيت يمشي مشيه الذي كان يمشي أم يُسرع؟ قال: إن أحب أن يُسرع في مشيه، فذلك له. وإن أحب أن يتئد في مشيه، فلا بأس بذلك. وربما أسرع الإنسان لحاجة عرضت له. قال ابن رشد – الجد -: قوله: " أن له أن يُسرع " معناه ما لم يبلغ إسراعه أن يكون خبباً، لئلا يكون قد رمل الأشواط السبعة. وذلك مخالف للسنة. انظر: البيان والتحصيل ٤/٢٤، ٢٥.

<<  <   >  >>