للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الرابع: حكم الاضطباع والرمل.]

اتفق العلماء – رحمهم الله – على أنّه (اضطبع ورمل في طوافه، إلا أنهم اختلفوا في بقاء مشروعيتهما بعد زوال سببهما، بتمكن الإسلام وظهوره، وذهاب الشرك وأهله من مكة.

واختلف القائلون بمشروعيتهما في حكمهما، هل هما من شروط الطواف وواجباته، أم من سننه ومندوباته؟ وسأعرض لذلك في الفروع التالية:

* الفرع الأول: مشروعية الاضطباع.

اختلف العلماء ـ رحمهم الله ـ في بقاء مشروعية الاضطباع في الطواف، على قولين:

القول الأول: إن الاضطباع مشروع، وهو سنة باقية.

وإلى هذا القول ذهب: جمهور العلماء، ومنهم: أصحاب المذاهب الثلاثة: الحنفية، والشافعية، والحنابلة (١) .

القول الثاني: لا يُشرع الاضطباع، وأنه ليس بسنة بعد ذهاب سببه، بظهور الإسلام.

وإلى هذا القول ذهب: المالكية (٢) . وحكى ابن المنذر عن مالك أنه قال:


(١) انظر: المبسوط ٤/١٠، بدائع الصنائع ٢/١٤٧، الهداية ١/١٤٠، حاشية ابن عابدين ٢/٤٩٥، الأم ٢/١٧٤، حلية العلماء ٣/٢٨٤، الحاوي الكبير ٤/١٤٠، الوسيط ٢/٦٤٨، المهذب والمجموع ٨/١٩، إعانة الطالبين ٢/٣٠٠، المغني ٥/٢١٦، فتح الباري ٣/٤٧٢، نيل الأوطار ٥/١١١، عون المعبود ٥/٢٣٦، قال ابن قدامة في المغني: (ويُستحب الاضطباع في طواف القدوم..، وبهذا قال الشافعي، وكثير من أهل العلم) . وقال ابن حجر في فتح الباري: (وهو مستحب عند الجمهور، سوى مالك. قاله ابن المنذر) .
(٢) انظر: البيان والتحصيل٣/٤٤٩، ٤٥٠، المغني ٥/٢١٦، الحاوي ٤/١٤٠، المجموع ٨/٢١، فتح الباري ٣/٤٧٢، نيل الأوطار ٥/١١١، عون المعبود ٥/٢٣٦.
ونقل سند عن مالك أنه قال في الموازية: (ولا يحسر عن منكبيه، ولا يحركهما) . انظر: هداية السالك ٢/٨٠٨، وفي العتبية: (سئل مالك عن حَسْر المحرم عن منكبيه، إذا هو طاف بالبيت الطواف الواجب في الرمل. قال: لا يفعل) . قال ابن رشد- الجد -: (زاد في كتاب ابن المواز، ولا يحركهما. وهذا كما قال. إذ ليس من السنة أن يحسر عن منكبيه، ولا يحركهما بقصد منه إلى ذلك. فإذا انحسر منكباه، أو تحركا لشدة الرمل، فلا بأس به. فقد قيل: إن الرمل هو الخبب الشديد، دون الهرولة. الذي يحرك منكباه لشدته) انظر: العتبية مع البيان.

<<  <   >  >>