للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وسئل عطاء عن المجاور إذا أهلّ من مكة، هل يسعى الأشواط الثلاثة؟ قال: إنهم يسعون. فأما ابن عباس فإنه قال: “إنما ذلك على أهل الآفاق” ١.

إن الرمل إنما شُرع في الأصل لإظهار الْجَلَد والقوة لأهل البلد. وهذا المعنى معدوم في أهل البلد ٢.

الاضطباع سنة الرمل. فمن لا يُشرع له الرمل، لا يُشرع له الاضطباع، كالنساء٣.

واستدل أصحاب القول الثاني، بما يلي:

إن الرمل سنة ثابتة بعد زوال سببها، فيستوي فيها المكي وغيره ٤.

إنه يُشرع في كل طواف يعقبه سعي، فيستوي في ذلك المكي وغيره ٥.

الرأي المختار:

ليس في هذه المسألة نصوص من السنة يُعتمد عليها في الترجيح أو الاختيار. ولعل ما ذهب إليه أصحاب القول الأول، القائلون: بعدم استحباب الاضطباع والرمل للمكي، وللمحرم منها من غير أهلها، هو أولى الرأيين


١ أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ٣/٣٧٤، المحلى ٧/٩٦.
٢ انظر: المغني ٥/٢٢٢، شرح الزركشي ٢/١٩٤، كشاف القناع ٢/٤٨٠. وقال ابن البنا في شرحه ٢/٦١٩: “لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك من قدم من أهل البلدان، ليعلم أهل مكة قوتهم، وجلدهم. وهذا المعنى معدوم في أهل مكة”.
٣ انظر: الشرح الكبير ٩/١٠٣، البحر الرائق ٢/٣٨٢، إعانة الطالبين ٢/٣٠٠، نيل الأوطار ٥/١١١، حاشية ابن عابدين ٢/٥٢٨. وقال الزركشي في شرحه ٢/١٩٤: “تنبيه: يُسن الاضطباع لمن يُسن له الرمل”.
٤ أرجع ابن رشد سبب الخلاف بين القولين إلى: “هل الرمل كان لعلة، أو لغير علة؟ وهل هو مختص بالمسافر أم لا؟ ”. والسبب الثاني أظهر.
٥ انظر: المجموع ٨/٤٣.

<<  <   >  >>