للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأما دعوى أن حديث طلق منسوخ لأنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبني المسجد أول الهجرة، ولم يعد إليه بعد، فهذا غير مسلم لما يأتي:

١-أنه لا يصار إلى النسخ إلا إذا تعذر الجمع، والجمع هنا ممكن١ ومن أوجه الجمع:

أ-حمل حديث بسرة وما شابهه على ما كان لشهوة، وحديث طلق على ما إذا كان لغير شهوة.

ب-أن يكون الأمر في حديث بسرة للاستحباب، وحديث طلق السؤال فيه للوجوب، فهو سأل عن الواجب "أعليه" وكلمة "على" ظاهرة في الوجوب٢.

٢-أن في حديث طلق علة لا يمكن أن تزول، وإذا ربط الحكم بعلة لا يمكن أن تزول، فإن الحكم لا يمكن أن يزول لأن الحكم يدور مع علته، والعلة قوله: "إنماهو بضعة منك" ولا يمكن في يوم من الأيام أن يكون ذكر الإنسان ليس بضعة منه، فلا يمكن النسخ.

٣-أن أهل العلم قالوا: إن التاريخ لا يعلم بتقدم إسلام الراوي أو تقدم أخذه، لجواز أن يكون الراوي حدث به عن غيره٣.

وخلاصة القول في المسألة كما ذكر الشيخ محمد العثيمين: "أن الإنسان إذا مس ذكره استحب له الوضوء مطلقاً سواء مس بشهوة أو بغير شهوة وإذا مسه لشهوة فالقول بالوجوب قوي جداً وهو الأحوط"٤ والله تعالى أعلم.


١ انظر: الاعتبار ٤٥، نيل الأوطار ١/١٩٨.
٢ انظر: نيل الأوطار ١/١٩٨.
٣ انظر: الشرح الممتع ١/٢٣٣، ٢٣٤.
٤ انظر: الشرح الممتع ١/٢٣٤.

<<  <   >  >>