فإن موتى المسلمين يصلى عليهم برهم وفاجرهم وأن لعن الفاجر مع ذلك بعينه أو بنوعه لكن الحال الاول أوسط وأعدل وبذلك أجبت مقدم المغل بولاى لما قدموا دمشق فى الفتنة الكبيرة وجرت بينى وبينه وبين غيره مخاطبات فسألنى فيما سألنى: ما تقولون فى يزيد؟ فقلت: لا نسبه ولا نحبه! فإنه لم يكن رجلا صالحا فنحبه ونحن لا نسب أحدا من المسلمين بعينه فقال أفلا تلعنونه أما كان ظالما؟ أما قتل الحسين؟ فقلت له نحن إذا ذكر الظالمون كالحجاج بن يوسف وأمثاله نقول كما قال الله فى القرآن {أَلا لعْنَةُ اللهِ عَلى الظَّالِمِينَ}[هود:١٨] ولا نحب أن نلعن أحدا بعينه وقد لعنه قوم من العلماء وهذا مذهب يسوغ فيه الإجتهاد لكن ذلك القول أحب إلينا وأحسن. وأما من قتل الحسين أو أعان على قتله أو رضى بذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا.
قال: فما تحبون أهل البيت؟ قلت: محبتهم عندنا فرض واجب يؤجر عليه فإنه قد ثبت عندنا فى صحيح مسلم عن زيد بن أرقم قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بغدير يدعى هما بين مكة والمدينة فقال: “ أيها الناس إنى تارك فيكم الثقلين كتاب الله فذكر كتاب الله وحض عليه ثم قال وعترتى ... “ ١.
وقال: “ واعلم أنه لا منافاة بين عقوبة الإنسان في الدنيا على ذنبه وبين الصلاة عليه والإستغفار له فإن الزاني والسارق والشارب وغيرهم من العصاة تقام عليهم الحدود ومع هذا فيحسن إليهم بالدعاء لهم في دينهم ودنياهم فإن العقوبات الشرعية إنما شرعت رحمة من الله بعباده فهي صادرة عن رحمة الله وإرادة الإحسان إليهم ولهذا ينبغي لمن يعاقب الناس على الذنوب أن يقصد بذلك الإحسان إليهم والرحمة لهم كما يقصد الوالد تأديب ولده وكما يقصد
١ ت: المناقب (٣٧٨٨) وقال حسن غريب، أحمد: المكثرين (١٠٦٨١) ، وانظر مجموع الفتاوى ٤/٤٨٦ وما يليها.