بها. وهذا هو المعنى الأول للإستتابة وهوالمنصب نحو الترغيب فيها.
وأما المعنى الثاني فهو المنصب نحو حمل العصاة على التوبة حملا بالقوة والغلبة والقهر كما في الحدود الشرعية، وهو باب عظيم في الدعوة إلى الله تعالى يتوخى فيه الاصلاح والأخذ بأيدي السفهاء من المعصية إلى الطاعة، وفيها ـ أيضا ـ حماية لجانب الشريعة من تهاون المفرطين وغلو الغالين، فبالإستتابة تقوى سطوة الدين ومهابته في النفوس وتضمحل شوكة العصاة والعتاة والمجرمين.
وقد عقد علماء الإسلام أبوابا في كتبهم في بيان هذا الباب وفضله وأثره وعواقبه الحميدة من مثل قول الإمام البخاري في الصحيح كتاب إستتابة المرتدين والمعاندين. وقد سبقت الاشارة إلى بعضها.
وللإستتابة في كل حد من الحدود الشرعية تفصيل ذكره أهل العلم، ولنسق من ذلك مثالا لحد الردة، ولنختر في ذلك قبسات من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال: “ الذي عليه جماهير أهل العلم أن المرتد يستتاب ومذهب مالك وأحمد أنه يستتاب ويؤجل بعد الإستتابه ثلاثة أيام وهل ذلك واجب أو مستحب على روايتين عنهما أشهرهما عنهما أن الاستتابة واجبة وهو قول إسحاق بن راهويه، وكذلك مذهب الشافعي هل الاستتابه واجبة أو مستحبة على قولين لكن عنده في أحد القولين يستتاب فإن تاب في الحال والا قتل وهو قول ابن المنذر والمزني، وفي القول الآخر يستتاب ثلاثا كمذهب مالك وأحمد وقال الزهري وابن القاسم في رواية يستتاب ثلاث مرات.
ومذهب أبي حنيفة أنه يستتاب أيضا فإن لم يتب وإلا قتل والمشهور عندهم أن الاستتابة مستحبة وذكر الطحاوي عنهم لايقتل المرتد حتى يستتاب وعندهم يعرض عليه الإسلام فإن أسلم وإلا قتل مكانه إلا أن يطلب أن يؤجل فإنه يؤجل ثلاثة أيام. وقال الثوري يؤجل ما رجيت توبته وكذلك معنى قول النخعي.
وذهب عبيد بن عمير وطاوس إلى أنه يقتل ولا يستتاب لأنه أمر بقتل