للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المبدل دينه والتارك لدينه المفارق للجماعة ولم يأمر باستتابتة كما أمر الله سبحانه بقتال المشركين من غير استتابة مع أنهم لو تابوا لكففنا عنهم، يؤيد ذلك أن المرتد أغلظ كفرا من الكافر الأصلي فإذا جاز قتل الأسير الحربي من غير استتابة فقتل المرتد أولى.

وسر ذلك أنا لا نجيز قتل كافر حتى نستتيبه بأن يكون قد بلغته دعوة محمد صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فإن قتل من لم تبلغه الدعوة غير جائز والمرتد قد بلغته الدعوة فجاز قتله كالكافر الأصلي الذي بلغته وهذا هو عله من رأى الإستتابة مستحبة فإن الكفار يستحب أن ندعوهم إلى الاسلام عند كل حرب وإن كانت الدعوة قد بلغتهم فكذلك المرتد ولايجب ذلك فيهما. نعم لو فرض المرتد من يخفى عليه جواز الرجوع إلى الإسلام فإن الإستتابة هنا لابد منها. ويدل على ذلك أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدر يوم الفتح مكة دم عبد الله بن سعد بن أبي سرح ودم مقيس بن صبابه ودم عبد الله بن خطل وكانوا مرتدين ولم يستتبهم بل قتل ذانك الرجلان وتوقف صلى الله عليه وسلم عن مبايعة بن أبي سرح لعل بعض المسلمين يقتله فعلم أن قتل المرتد جائز ما لم يسلم وأنه لا يستتاب، وأيضا فإن النبي صلى الله عليه وسلم عاقب العرنيين الذين كانوا في اللقاح ثم ارتدوا عن الإسلام بما أوجب موتهم ولم يستتبهم ولأنه فعل شيئا من الأسباب المبيحة للدم فقتل قبل استتابتة كالكافر الأصلي وكالزاني وكقاطع الطريق ونحوهم فإن كل هؤلاء من قبلت توبته ومن لم تقبل يقتل قبل الإستتابة ولأن المرتد لو امتنع بأن يلحق بدار الحرب أو بأن يكون المرتدون ذوي شوكة يمتنعون بها عن حكم الإسلام فإنه يقتل قبل الإستتابة بلا تردد فكذلك إذا كان في أيدينا.

وحجة من رأى الاستتابة إما واجبة أو مستحبة قوله سبحانه وتعالى: {قُل لِلذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لهُمْ مَا قَدْ سَلفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ} [الأنفال:٣٨] أمر الله رسوله أن يخبر جميع الذين كفروا أنهم إن انتهوا غفر لهم ما

<<  <   >  >>