للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

سلف وهذا معنى الاستتابة، والمرتد من الذين كفروا والأمر للوجوب فعلم أن استتابة المرتد واجبة ولا يقال فقد بلغهم عموم الدعوة إلى الإسلام لأن هذا الكفر أخص من ذلك الكفر فإنه يوجب قتل كل من فعله ولا يجوز استبقاؤه وهو لم يستتب من هذا الكفر. وأيضا فإن النبي صلى الله عليه وسلم بعث بالتوبة إلى الحارث بن سويد ومن كان قد ارتد معه إلى مكة كما قدمناه بعد أن كانت قد نزلت فيهم آية التوبة فتكون استتابته مشروعة، ثم إن هذا الفعل منه خرج امتثالا للأمر بالدعوة إلى الإسلام والابلاغ لدينه فيكون واجبا، وعن جابر رضي الله عنه: “ أن امرأة يقال لها أم مروان ارتدت عن الإسلام فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يعرض عليها الإسلام فإن رجعت وإلا قتلت “ ١، وعن عائشة رضى الله عنها قالت: “ ارتدت امرأة يوم أحد فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تستتاب فإن تابت وإلا قتلت" رواهما الدارقطني٢.

وهذا إن صح أمر بالاستتابة والأمر للوجوب، والعمدة فيه إجماع الصحابة عن محمد بن عبد الله بن عبد القاري قال قدم على عمر بن الخطاب رجل من قبل أبي موسى الأشعري فسأله عن الناس فاخبره ثم قال هل من مغربة خبر؟ قال: نعم، رجل كفر بعد إسلامه، قال فما فعلتم به؟ قال: قربناه فضربنا عنقه. قال عمر: “ فهلا حبستموه ثلاثا وطعمتوه كل يوم رغيفا واستتبتموه لعله يتوب ويراجع أمر الله؟! اللهم إني لم أحضر ولم آمر ولم أرض إذ بلغني “. رواه مالك والشافعي واحمد. قال: اذهب إلى حديث عمر، وهذا يدل على أن الاستتابة واجبة وإلا لم يقل عمر: “ لم أرض إذ بلغني “ وعن أنس بن مالك قال لما افتتحنا تستر بعثني الأشعري إلى عمر بن الخطاب فلما قدمت عليه قال ما فعل البكريون جحينة وأصحابه؟ قال: فأخذت به في حديث آخر! قال فقال:


١ الدّارقطنيّ ٣ / ١١٨ (١٢٢) .
٢ البيهقيّ ٨ / ٢٠٣ (١٦٦٤٢) ، دار قطني ٣ / ١١٨ (١٢١) .

<<  <   >  >>