وفى سنن أبى داود عن أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بمخنث وقد خضب رجليه ويديه بالحناء فقال: “ما بال هذا” فقيل يا رسول الله يتشبه بالنساء فأمر به فنفى إلى النقيع فقيل يا رسول الله ألا نقتله فقال: “إني نهيت عن قتل المصلين” ١ قال أبو أسامة حماد بن أسامة والنقيع ناحية عن المدينة وليس بالبقيع وقيل أنه الذي حماه النبي صلى الله عليه وسلم لإبل الصدقة ثم حماه عمر وهو على عشرين فرسخا من المدينة وقيل عشرين ميلا ونقيع الخضمات موضع آخر قرب المدينة وقيل هو الذي حماه عمر والنقيع موضع يستنقع فيه الماء كما في الحديث أول جمعة جمعت بالمدينة في نقيع الخضمات.
فإذا النبى صلى الله عليه وسلم قد أمر بإخراج مثل هؤلاء من البيوت فمعلوم أن الذى يمكن الرجال من نفسه والإستمتاع به وبما يشاهدونه من محاسنه وفعل الفاحشة الكبرى به شر من هؤلاء وهو أحق بالنفى من بين أظهر المسلمين وإخراجه عنهم فإن المخنث فيه إفساد للرجال والنساء لأنه إذا تشبه بالنساء فقد تعاشره النساء ويتعلمن منه وهو رجل فيفسدهن، ولأن الرجال إذا مالوا إليه فقد يعرضون عن النساء ولأن المرأة إذا رأت الرجل يتخنث فقد تترجل هى وتتشبه بالرجال فتعاشر الصنفين وقد تختار هى مجامعة النساء كما يختار هو مجامعة الرجال.
وأما إفساده للرجال فهو أن يمكنهم من الفعل به كما يفعل بالنساء بمشاهدته ومباشرته وعشقه فإذا أخرج من بين الناس وسافر إلى بلد آخر ساكن فيه الناس ووجد هناك من يفعل به الفاحشة فهنا يكون نفيه بحبسه فى مكان واحد ليس معه فيه غيره وإن خيف خروجه فإنه يقيد إذ هذا هو معنى نفيه وإخراجه من بين الناس. ولهذا تنازع العلماء فى نفى المحارب من الأرض هل هو