للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القائل: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} (الجن: ٢٦، ٢٧) أخبر -صلى الله عليه وسلم- عن سقوط الخلافة، ثم أخبر عن عودتها وارتفاع رايتها؛ حتى لا ييأس الدعاة بعد سقوط الخلافة من عودتها، قال -صلى الله عليه وسلم-: ((تكون النبوّة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة؛ فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًّا، فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبريًّا فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت -صلى الله عليه وسلم)).

فأخبر -عليه الصلاة والسلام- أنه بعد النبوّة خلافة، وبعد الخلافة ملك عاضّ وملك جبري، وبعد الملك العاض والملك الجبري خلافة على منهاج النبوة تنتهي بها الدنيا كما بدأت بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

فيا أيّها الداعية هذه النصوص التي ذكّرتك بها تبعث في نفسك الأمل، وتجعلك لا تيأس ولا تفتر، بل امضِ قُدمًا في طريق دعوتك، وأنت متفائل، وأنت على يقين من أن المستقبل لهذا الدين، وتأمّل التاريخ على مداره بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- والأزمنة المتتابعة إلى اليوم، تأمّل وخُذ من التاريخ العبر والدروس حتى لا تيأس أبدًا، ولا يضعف يقينك أن المستقبل لهذا الدين مهما كانت العقبات، ومهما عظمت الخطوب، ومهما ازدادت الكروب، ومهما تقوَّى وتحصّن أعداء الدين ضد أهل الدين إلا أن الله لا بد أن يُظهر دينه كما وعد، والتاريخ أكبر شاهد.

وإليك هذه الوقائع الثلاث: من كان يظن أن تقوم للإسلام قائمة بعد أن استلم أبو بكر -رضي الله عنه- مقاليد الخلافة؛ ففي هذا الوقت من خلافة أبي بكر عظم الخطب، واشتدّ الحال، ونجم النفاق، وارتدّ من ارتد من أحياء العرب، وظهر مدعو النبوة، وامتنع قوم عن أداء الزكاة، ولم يبقَ للجمعة مقام في بلد سوى مكة

<<  <   >  >>