فالخلق عبارة عن هيئة في النفس راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر وروي ّ ة، فإن كانت الهيئة بحيث تصدر عنها الأفعال الجميلة المحمودة عقل ً اوشرع ً اسميت تلك الهيئة خلق ً احسن، وإن كان صادر عنها الأفعال القبيحة سميت خلق ًا سيئ ًا. فإذا كان المؤمن بحاجة إلى حسن الخلق؛ فإن الداعية إلى الله - سبحانه وتعالى - هو أحوج المؤمنين إلى حسن الخلق؛ إذ بحسن خلقه ي ُ قبل عليه المدعو ُّ ون، ويستمعون له، ويتبعونه، وينتفعون بدعوته، ولذلك قال الله - تبارك وتعالى - للنبي -صلى الله عليه وسلم-: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}(آل عمران: ١٥٩).
والأخلاق الحميدة التي دعا إليها الإسلام كثيرة جد ًّ ا، ويكفي أن يتخل َّ ق الداعية بكل خلق حسن ذكره الله -تبارك وتعالى- في القرآن الكريم، ودعا إليه وحمد أهله وأثنى عليهم؛ اقتضاء بالنبي -صلى الله عليه وسلم، فلقد تخلق بمكارم الأخلاق كلها كما أمره ربه في القرآن الكريم، ولذلك لما س ُ ئلت أمنا عائشة -رضي الله عنها- عن خلقه -صلى الله عليه وسلم- قالت للسائل: أتقرأ القرآن؟ قال: نعم. قالت:((كان خلقه القرآن)).
من الأخلاق التي يجب أن يتخلق بها الداعية: الإخلاص
أمر الله - تبارك وتعالى - بالإخلاص في القرآن الكريم في أكثر من آية فقال سبحانه:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ}(الزمر: ٢)، وقال سبحانه:{فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}، وقال سبحانه:{هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}(غافر: ٦٥)، وبي َّ ن -سبحانه وتعالى- أنه أمر السابقين بالإخلاص كما أمر الأخيرين، فقال عن السابقين:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}(البينة: ٥)، وبي َّ ن الله -سبحانه وتعالى- أن الإخلاص شرط في قبول