ولذلك قال الله تعالى عن نصارى الحبشة:{وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ}(القصص: ٥١ - ٥٣)، فلما بعث الله تعالى محمدًا -صلى الله عليه وسلم- أمره باتباع ملة أبيه إبراهيم والاهتداء بهدي إخوانه المرسلين فقال عز وجل:{ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}(النحل: ١٢٣)، وسمى - سبحانه وتعالى - مجموعة من الرسل في سورة الأنعام، ثم قال لرسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ}(الأنعام: ٩٠)، وقال تعالى:{كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}(الشورى: ٣)، وقال تعالى:{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ}(النساء: ١٦٣)، وقال تعالى:{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ}(الشورى: ١٣).
ولذلك أمر الله تعالى نبيه محمدًا -صلى الله عليه وسلم- أن يقول:{قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ}(الأحقاف: ٩) وأمره أن يصرح بأن دينه هو الإسلام فقال: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}(النمل: ٩١)، ولذلك كان -صلى الله عليه وسلم- إذا أصبح يقول:((أصبحنا على فطرة الإسلام وكلمة الإخلاص، وعلى دين نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم - وعلى ملة أبينا إبراهيم حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين)).