للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اصطلاح ً اتنوعت فيها عبارات العلماء. فقال الجاحظ: الشجاعة هي الإقدام على المكاره والمهالك عند الحاجة إلى ذلك، وثبات الجأش عند المخاوف مع الاستهانة بالموت. وقال المناوي: الشجاعة هي الإقدام الاختياري على مخاوف نافعة في غير مبالاة. وقال ابن حزم: الشجاعة هي بذل النفس لل ذ ود عن الدين أو الحريم أو عن الجار المضطهد، أو عن المستجير المظلوم، وعمن هضم ظلم ً افي المال والعرض، وسائر سبل الحق سواء قل َّ من يعارض أوكثر. وقال الجرجاني: الشجاعة هيئة حاصلة للقوة الغضبية بين التهور والجبن، بها ي ُ قدم على أمور ينبغي أن يقدم عليها، كالقتال مع الكفار ما لم يز ي دوا على ضعف المسلمين.

وقد أمر الله -تبارك وتعالى- عباده المؤمنين بالشجاعة والثبات عند اللقاء، ونهاهم عن الجبن وحذرهم من تولي ة الأدبار فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (الأنفال: ١٥، ١٦)، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الأنفال: ٤٥)، ومدح الله -سبحانه وتعالى- أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على شجاعتهم وجرأتهم، وإقدامهم على لقاء عدوهم فقال سبحانه: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} (آل عمران: ١٧٣، ١٧٤)

والشجاعة من أهم أخلاق الأنبياء والمرسلين - عليهم الصلاة والسلام - وبفضلها بعد فضل الله - عز وجل - واجهوا قومهم وتحدوهم، وثبتوا في وجههم حتى بلغوهم رسالة ربهم، انظر إلى شجاعة أول رسول بعثه الله تعالى إلى أهل الأرض نوح -عليه السلام-

<<  <   >  >>