للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذين حرصوا على أن يكون لهم دور فعال في إصلاح المجتمع بقيامهم بواجب الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر قالوا: {مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} فهو واجب لله نؤديه، واجب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والتخويف من انتهاك الحرمات لنبلغ إلى الله عذرنا، ويعلم أن قد أدينا واجبنا، ثم لعل النصح يؤثر في تلك القلوب العاصية فيثير فيها وجدان التقوى.

وهكذا انقسم سكان الحاضرة إلى ثلاث فرق، أو ثلاث أمم: أمة عاصية محتالة، وأمة تقف في وجه المعصية والاحتيال وقفة إيجابية بالإنكار، والتوجيه، والنصيحة، وأمة تدع المنكر، وأهله، وتقف موقف الإنكار السلبي، ولا تدفعه بعمل إيجابي، وهي طرائق متعددة من التصور، والحركة تجعل الفرق الثلاثة أممًا ثلاثة فلما لم يجد النصح، ولم تنفع العظة، وسدر السادرون في غيهم حقت كلمة الله، وتحققت نظره فإذ الذين كانوا ينهون عن السوء في نجوة من السوء، وإذا الأمة العاصية يحل بها العذاب الشديد العذاب البئيس بما كانوا يفسقون، وأما الأمة الانعزالية الثالثة التي سكتت عن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر فقد سكت النص عنها ربما تهوينًا لشأنها، وإن كانت لم تؤخذ بالعذاب إذ أنها قعدت عن الإنكار الإيجابي، ووقفت عند حدود الإنكار السلبي فاستحقت الإهمال، وإن لم تستحق العذاب: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} (الأعراف: ١٦٥، ١٦٦).

فعليك أيها الداعية أن تكون إيجابيًّا، وإياك أن تكون انعزاليًّا تؤثر الراحة، والخلود إلى الأرض، وتأوي إلى الفراش، وتترك الناس يتركون دين الله،

<<  <   >  >>