زاد الله له في البلاء، وفي الحديث: عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: ((قلت: يا رسول الله، أي الناس أشد بلاء؟ قال: الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل)).
فهذه الأسباب تعين المبتلى على الصبر، ثم عليه الدعاء بالصبر، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: ((ومن يتصبر يصبره الله))، ومن يتصبر يعني يسأل الله تعالى الصبر، ولذلك مدح الله -تبارك وتعالى- السحرة سحرة فرعون بعد إيمانهم، وتهديد فرعون لهم بالعذاب مدحهم الله على تصبرهم، وسؤالهم الصبر بقوله:{رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ}(الأعراف: ١٢٦)، ومدح أتباع الأنبياء أنهم كانوا إذا لقوا أعداءهم سألوا الله تعالى الصبر:{رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}(البقرة: ٢٥٠){رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}(آل عمران: ١٤٧).
فالصبر شيء عظيم جدًّا، وأهم الناس يلزمهم الصبر هم الدعاة إلى الله -عز وجل- يلزمهم أن يصبروا على تكاليف الدعوة، وأعباء الدعوة، ومشاق الدعوة، ويلزمهم أن يصبروا على المدعوين، وأذاهم، ويلزمهم أن يصبروا على كل ما يلقونه في سبيل تبليغ دعوة الله -سبحانه وتعالى- ولذلك أكثر الله -سبحانه وتعالى- على نبيه -صلى الله عليه وسلم- من الصبر في القرآن الكريم:{فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ}(القلم: ٤٨){فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}(الأحقاف: ٣٥){وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ}(المدثر: ٧) فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يعيننا على القيام بما حملنا من واجب الدعوة إليه على بصيرة، وأن يرزقنا الصبر حتى نبلغ دعوة ربنا إيمانًا، واحتسابًا، ولعل الله -سبحانه وتعالى- أن يقر أعيننا برؤية ثمار دعوتنا؛ فإن لم نرها فستتحقق، ولو بعد وفاتنا كما قال الله لنبينا:{فَاصْبِرْ إِنَّ وعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أونَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ}(غافر: ٧٧).