للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكفار أن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- افترى هذا القرآن من عنده كذبهم الله -تبارك وتعالى- في قولهم، ووصفهم بالظلم، وقالوا: {إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وزُورًا * وقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وأَصِيلًا * قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ والْأَرْضِ} (الفرقان: ٤ - ٦)، وقال سبحانه: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ ولَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} (يونس: ٣٧).

فالدليل على أنه من عند الله -عز وجل- لا يُمكن لإنسان مهما بلغ في العلم والفصاحة، والبلاغة مبلغًا لا يمكن أن يفتري هذا القرآن أبدًا، ولذلك طلب الله -تبارك وتعالى- من الكفار أن يأتوا بمثل هذا القرآن في أكثر من موضع فلم يستجيبوا لذلك، طلب منهم أن يأتوا بحديث مثله، فلم يفعلوا فطلب أن يأتوا بعشر سور مثله، فلم يفعلوا فطلب منهم أن يأتوا بسورة مثله، فلم يفعلوا فطلب منهم أن يأتوا بسورة من مثله فلم يفعلوا بل ولم يحاولوا فقال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا} (البقرة: ٢٣، ٢٤). يعني الآن، {وَلَنْ تَفْعَلُوا} إلى يوم القيامة {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} اتقوها بالإيمان بأن القرآن كلام الله رب العالمين، وليس لمحمد -صلى الله عليه وسلم- فيه أية دور سوى دور التبليغ: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثم لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} (الحاقة: ٤٤ - ٤٧).

فتوعد الله -تبارك وتعالى- نبيه محمدًا -صلى الله عليه وسلم- لو تقول عليه أن يقطع منه الوتين، وهو شريان الحياة فيموت، ولم يفعل رب العالمين سبحانه بنبيه شيئًا من هذا الوعيد؛ فدل على أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يتقول على ربه شيئًا، ولم يزد في القرآن الذي أوحاه إليه، ولم ينقص منه.

<<  <   >  >>