للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا اعتراف من أصناف الكافرين الداخلين جهنم أن الرسل -عليهم الصلاة والسلام- أنذرتهم لقاء يومهم هذا، ولما كان نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- خاتم النبيين، وكان هو الحاشر الذي يحشر الناس على عقبه حتى قال -صلى الله عليه وسلم-: ((بعثتُ أنا والساعة كهاتين؛ وضم السبابة والوسطى)) لما كان كذلك فقد بيَّن -صلى الله عليه وسلم- أحوال الآخرة وأهوالها بيانًا لم يسبق له نظير في الكتب السابقة، حتى إن الله تعالى أخبر أن الحِكْمة من الإيحاء إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- هي إنذار الناس لقاء الله؛ فقال سبحانه: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} (الشورى: ٧) وقال تعالى: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ * يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ * الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} (غافر: ١٥ - ١٧).

ولما جادل المشركين النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما أنذرهموه من البعث بعد الموت {وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا} (الإسراء: ٤٩) أمره ربه أن يُقسم لهم على وقوع ما كذبوه فقال تعالى: {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} (يونس: ٥٣)، وقال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} (سبأ: ٣)، وقال تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (التغابن: ٧).

ولم يكتفِ رَبّنا -سبحانه وتعالى- بقسم نبيه -صلى الله عليه وسلم- حتى أقسم هو -سبحانه- على وقوع البعث فقال -عز وجل-: {وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا * أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا * فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا * ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا * ثُمَّ لَنَحْنُ

<<  <   >  >>