للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن الربُيّع بنت معوذ قالت: أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار ((من أصبح مفطرًا فليتم بقية يومه، ومن أصبح صائمًا فليصم، قالت: فكنا نصومه بعدُ، ونصوّم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهما على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار)).

هذا؛ وإن للصيام أحكامًا فقهية مردّها إلى علم الفقه، لكننا نقول: إن للصيام آدابًا يستحب للصائم أن يأخذ نفسه منها، ومن أهمها الكفّ عن اللغو والرفث ونحوهما مما يتنافى مع الصوم، وفي الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا كان يومُ صومِ أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، ولا يجهل، فإن شاتمه أحد أو قاتله؛ فليقل إني صائم))، وعنه -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من لم يدع قول الزور والعمل، فليس الله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) وقد أثر عن بعض السلف أنه قال: "إذا صمت، فليصم سمعك وبصرك ولسانك، وليكن عليك يوم صومك سكينة ووقار، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء".

هذا؛ وإن للصيام فوائد تعود على الصائمين أعظمها ما صرّح به ربنا -سبحانه وتعالى- في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: ١٨٣)، فذكر تعالى للصوم هذه الفائدة العظمى، المحتوية على فوائد كثيرة، وهي قوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} أي: ليكون صيام وسيلة لكم إلى حصول التقوى، ولتكونوا بالصيام من المتقين، وذلك أن التقوى اسم جامع لكل ما يحبه الله تعالى ويرضاه من فعل المحبوبات لله ورسوله، وترك ما يكرهه الله ورسوله.

<<  <   >  >>