للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونذكر هنا على سبيل التمثيل فقط مدى مراعاة الأخلاق في علاقات الدولة الإسلامية مع غيرها من الدول؛ ليتبين لنا مدى حرص الإسلام على التمسك بمعاني الأخلاق، ووجه اختيارنا لهذه العلاقات هو ما شاع بين الناس ويؤيّده الواقع أن العلاقات بين الدول لا تقوم على أساس مراعاة الأخلاق؛ حتى إن أحدهم قال: لا مكان للأخلاق في العلاقات الدولية، ولهذا كان الخداع والتضليل الغدر والكذب من البراعة في السياسة.

إن الإسلام يرفض هذا النظر السقيم، ويعتبر ما هو قبيح في علاقات الأفراد قبيحًا أيضًا في علاقات الدول، ويعتبر ما هو مطلوب وجميل في علاقات الأفراد مطلوبًا وجميلًا أيضًا في علاقات الدول؛ ولهذا كان من المقرر في شرع الإسلام أن على الدولة الإسلامية أن تلتزم بمعاني الأخلاق، وهذا التقرير موجود في القرآن الكريم كما هو موجود في السنة النبوية المطهرة وفي أقوال الفقهاء، يقول الله -تبارك وتعالى-: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} (الأنفال: ٥٨) يقول الله -تبارك وتعالى- لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: إذا كانت بينك وبين قوم معاهدة صلح فخفت منهم خيانة أن ينقضوا عهدهم ويغدروا بك ويبدءوك بالحرب؛ فلا تخونهم أنت ولا تبادر بنقض العهد ولا تبادر بالحرب، وإنما أعلمهم بأن المعاهدة قد انتهت، وأن الحرب قد أُعلنت، أعلمهم بنقض عهدهم حتى تستوي أنت وهم في العلم بأن المعاهدة قد انتهت، فيكونوا على حذر منك كما تكون أنت على حذر منهم، إن الله لا يحب الخائنين ولو كانت الخيانة في حق الكافرين، سبحان الله والحمد ولا إله إلا الله والله أكبر، يحثُّ ربنا -سبحانه وتعالى- على الوفاء والالتزام بالمعاهدة مع الكافر حتى لو خاف المسلمون من الكافرين غدرًا وخيانة لا يجوز لهم أن يبادروا بنقض العهد والغدر والخيانة، بل يجب على

<<  <   >  >>