والأذى، وخير من آمن واتّقى، وسيّد من تقمّص وارتدى، وأكرم من أخبت وسعى، وأفضل من صام وصلّى، وأخطب أهل الدنيا، وأفصح من شهد النجوى، سوى النبيّ المصطفى، صاحب القبلتين فهل يساويه من بشر؟ وأبو السبطين فهل يوازيه أحد؟ وزوج خير النسوان فهل يفوقه مخلوق؟
كان والله للأشداء قتّالا، ولهم في الحروب ختّالا، وفي الهزاهز شغّالا، لم تر عين مثله، ولا ترى إلى يوم القيامة، فعلى من تنقّصه لعنة الله والعباد، إلى يوم التناد. قال: فما تقول في طلحة والزبير؟ قال: رحمهما الله، كانا والله عفيفين، مسلمين، خيّرين، برّين، صادقين، فاضلين، طاهرين مطهّرين، شهيدين، عالمين باللَّه زلّا زلة والله غافر ذلك لهما، [٢٩ أ] للنصرة القديمة، والصحبة الكريمة، والأفعال الجميلة، فأعقب الله من نالهما بسوء اللعنة، إلى يوم الحسرة. قال: فما تقول في العباس؟ قال: رحم الله أبا الفضل، كان والله صنو أبي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقرّة عين صفيّ الله، سيّد الأعمام، ولهميم الأقوام، حوى أخلاق آبائه، وأحلام أجداده الأمجاد، له علم بالأمور، قد زانه حلم، ونظر في العواقب وقد سدده فهم، كان دائبا يكتسب بسالة كلّ مهذب صنديد، ويجتنب محالفة [١] كلّ رعديد، تلاشت الأحساب دون فخر عشيرته، وتباعدت الأنساب عند ذكر فضيلته، صاحب البيت والسقاية، والمشعر والعلامة، ولم لا يكون كذلك، وقد ساسه أكرم من هبّ ودبّ، عبد المطلب، وأكرم من مشى وركب. قال: فقام إليه سراقة فقال: يا ابن عباس بم سمّيت قريش قريشا؟ قال: سألت عن علم مخزون، وأدب مكنون، إنما سمّيت قريش قريشا: إنّ في البحر حوتا يسمّى قريشا يأكل الحيتان