للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بيان حكم الحشيشة فكان مما قال: هذه الحشيشة الصلبة حرام سواء سكر منها أو لم يسكر، والسكر منها حرام باتفاق المسلمين، ومن استحل ذلك وزعم أنه حلال فإنه يستتاب، ثم قال: ومن كان يستحل ذلك جاهلا فإنه ما يعرف الله ورسوله وأنها محرمة، والسكر منها حرام بالإجماع.. وكل ما يغيب العقل فإنه حرام وإن لم تحصل به نشوة ولا طرب فإن تغييب العقل حرام بإجماع المسلمين ... وأما المحققون من الفقهاء فعلموا أنها مسكرة، وإنما يتناولها الفجار لما فيها من النشوة والطرب، فهي تجامع الشراب المسكر في ذلك، والخمر توجب الحركة والخصومة، وهذه توجب الفتور والذلة، وفيها مع ذلك فساد المزاج والعقل، وفتح باب الشهوة، وما توجبه من الدياثة مما هي من شر الشراب المسكر ١.

ويقول العلامة الحطاب: "وأما ما يغطي العقل فلا خلاف في تحريم القدر المغطى من كل شيء وما لا يغطي من السكر ٢ وقال في مكان آخر ... إذا تقرر ذلك فللمتأخرين في الحشيشة قولان: هل هي من المسكرات أو هي من المفسدات مع اتفاقهم على المنع من آكلها، فاختار القرافي أنها من المخدرات، قال: لأني لم أرهم يميلون إلى القتال وإلى النصرة، بل عليهم الذلة والمسكنة، وكان شيخنا الشهير بعبد الله المنوفي يختار أنها من المسكرات لأنا رأينا أن من يتعاطاها يبيع أمواله لأجلها ولولا أن لهم طربا لما فعلوا ذلك"٣.

ثم وهذا ابن حجر الهيثمي _ وهو فقيه شافعي _ من علماء القرن العاشر الهجري يؤكد حرمة الحشيش بقوله"عد ما ذكر _ يقصد الحشيشة والأفيون وجوزة الطيب _ ونحوها من الكبائر ظاهرة، وبه صرح أبو زرعة وغيره كالخمر بل بالغ الذهبي فجعلها كالخمر في النجاسة والحد ومال في ذلك إلى ما قدمته عن الحنابلة وغيرهم قال: وهي أخبث من الخمر من جهة أنها تفسد العقل والمزاج والخمر أخبث من جهة أنها تفضي إلى المخاصمة والمقاتلة، وكلاهما يصد عن ذكر الله وعن الصلاة إلى أن قال وبكل حال فهي داخلة فيما حرم الله ورسوله من الخمر لفظا ومعنى"٤.

وهكذا نجد اتفاق الفقهاء وإجماعهم على تحريم كل مخدر ومغيب للعقل، ويحكي هذا الإجماع ابن حجر بقوله:"وحكى القرافي وابن تيمية الإجماع على تحريم الحشيشة، قال ومن استحلها فقد كفر ٥"وإنما لم يتكلم فيها الأئمة الأربعة لأنها لم تكن


١ الفتاوى ٣٤ /٢١٠، ٢١١.
٢ مواهب الجليل ج٢ /٢٣٢ ط ليبيا.
٣ مواهب الجليل ج١ /٩٠ ط ليبيا.
٤ الزواجر ج١ /٢١٦ ط الحلبي.
٥ المرجع السابق.

<<  <   >  >>