للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن رجب الحنبلي:"قالت طائفة من العلماء وسواء كان هذا المسكر جامدا أو مائعا، وسواء كان مطعوما أو مشروبا، وسواء كان من حب أو تمر أو لبن أو غير ذلك"١.

وقبل أن يذكر ابن رجب ذلك يقول:"إن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يحتجون بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل مسكر حرام" على تحريم جميع أنواع المسكرات" ما كان موجودا منها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وما حدث بعده"٢.

كما سئل ابن عباس عن الباذق فقال: سبق محمد صلى الله عليه وسلم الباذق، فما أسكر فهو حرام، يشير إلى أنه إن كان مسكرا فقد دخل في هذه الكلمة الجامعة العامة"٣

والباذق: شراب كان معروفا عندهم وهو معرب من الفارسية، قال ابن الأثير: هو بفتح الذال، تعريب باذه، وهو اسم الخمر بالفارسية ٤.

ومعنى سبق محمد الباذق، أي سبق حكمه أو سبق قوله فيها وفي غيرها من جنسها، وبهذه الاعتبارات السابقة في معنى المسكرات فإن اسم الخمر يطلق على كل المسكرات، لأن الاشتراك في الصفة يقتضي الاشتراك في الاسم أيضا، وإلى ذلك الإشارة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم السابق: "كل مسكر خمر" كما روى عن النعمان بن بشير أنه عليه الصلاة والسلام قال: "إن من الحنطة خمرا ومن الشعير خمرا، ومن الزبيب خمرا، ومن التمر خمرا، ومن العسل خمرا، وأنا أنهاكم عن كل مسكر مسكر" ٥.

هذا.. وإذا كان البعض ذهب إلى تخصيص الخمر بعصير مواد معينة كالتمر والعنب مثلا، وما عداهما فلا يحرم إلا القدر المسكر، فإن ما سبق من أدلة ونصوص يكفي بعضهم في الرد عليهم.

ولعل مما استدل به هؤلاء حديث"الخمر من هاتين الشجرتين، النخلة والعنبة"٦ لكن الحديث ليس على إطلاقه، وإنما هو مبنى على الغالب الموجود، أو الأهم الأكبر، كما في حديث"الحج عرفة" أي أهمه ومعظمه.

فليس في الحديث ما يشير إلى نفي الخمر من غيرهما قال القرطبي: "ثبت بالنقل


١ جامع العلوم والحكم / ٣٩٧.
٢ المرجع السابق.
٣ نفس المرجع.
٤ النهاية في غريب الحديث ١/١١١.
٥أبو داود والترمذي وابن ماجة.
٦ مسلم.

<<  <   >  >>