للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الأمر ذلك. وكانت العقوبة بالموت تختلف بحسب الجنس والطبقة الاجتماعية فالأتراك المذنبون كانوا يخنقون سرا في دار رئيس الانكشارية (آغا القمرين) وكان اليهود يحرقون حرقا والمسيحيون يشنقون شنقا. أما العرب فقد كانوا يعاقبون إما بالشنق وإما بقطع الرأس. وإذا كانت القضية خطيرة يرمى بالشخص حيا من أعالي الجدران جهة البحر. حيث يموت موتا بطيئا قاسيا. وإذا كانت المرأة الزانية متزوجة فانها توضع في كيس وترمى في البحر، وكذلك الحال بالنسبة للمرأة الحرة التي وجدت مع أحد المسيحيين أو اليهود وكان يقوم بتنفيذ الأحكام مساعدو المزوار. (١) ويذكر المؤرخون أن مدينة الجزائر كانت مثالا للأمن والهدوء، وهم يعزون ذلك إلى قوة وصرامة تنفيذ العقوبات ضد الجناة (٢).

أما تنظيم المدينة الداخلي (أي مدينة الجزائر) فقد كان يعود إلى نظر شيخ البلاد الذي كان عبارة عن رئيس بلدية اليوم، والذي كان دائما عربي الأصل، وهو الذي كان يشرف على الأمن وله شرطة منظمة مكونة من حضر المدينة العرب. وكان يساعده في مهمته عدد من الأعضاء، وكان شيخ المدينة مكلفا بقبض الضرائب. وكان المحتسب هو الذي يقوم بمراقبة الأسواق حتى لا يقع الغش، فاذا ثبت الغش في الأسعار أو الموازين فان يد الغاش تقطع أو يطاف به أمام العامة على ظهر حمار. أما إذا ثبت غش الخباز فان يده لا تقطع ولكن تصادر المخبزة ويضرب هو ضربا مبرحا على قدميه.

وكان يقوم بالحراسة الليليلة المزوار وأعوانه. فاذا وقع حادث أدى إلى جريان الدم فان (جراح باشى) يتدخل بمعالجة الجريح، وهذا الشخص،


(١) المزوار هو مسئول حراسة المدينة ليلا وهو الذي يراقت وينظم الفتيات العاهرات عن طريق رخص خاصة يصدرها لهن.
(٢) اعتقد الفرنسيون أن الهدوء في الجزائر على عهد العثمانيين يعود إلى قسوة الأحكام فقلدوا العثمانيين في ذلك ولكن الفرق كان كبيرا.

<<  <   >  >>