فقوة الإسلام والمسلمين رحمة وإحسان للبشرية كلها، فالأمة الإسلامية أمة حرم الله عليها الظلم، وأمرها بإقامة العدل ونشر الفضيلة في العالم - كما كان سلفنا الطيب الخير - وخاصة في هذه الظروف التي كثر فيهال الجور والباطل والطغيان، وعم فيها الجبروت وهضم الحقوق وابتلاع الشعوب والأفكار.
إذن فالواجب علينا أن لا ننظر إلى المسلم كما ننظر إلى البغل والحمار والبقرة وغيرها من الحيوانات الأعجمية التي تطلب منا أن نهيئ لها الأكل من حشيش وغيره حتى يمكن لنا الانتفاع بها ولكي تؤدي عملها في هذه الحالة على أكمل ما تكون، فالحيوانات يؤتى لها بالأكل اللازم لكي تستغل في الأعمال، فهي تأكل لتعيش.
إن المسلم في هذه الحياة بخلاف الحيوانات، فهو مطالب بواجبات يؤديها لمجتمعه، كما هو مكلف بمهمة عالية وغالية أنيطت بوجوده، ومسؤولية كبرى لا يسعه جهلها أو تجاهلها أو التفريط والتهاون فيها.
هذه المهمة أو المسؤولية هي التبشير بالإسلام وعقيدته، عقيدة التوحيد وشريعة الله، شريعة العدل وسمو النفس والفضيلة.
تلك المهمة أو المسؤولية أو الواجب هي نشر التوحيد، هي الجهاد - بكل أنواعه - في سبيل إسعاد عباد الله، وإيصال الخير إليهم، وفي هذا السبيل يجب أن يقضي حياته، ويشغل أوقاته في ذلك - بعد السعي والعمل لكسب معيشته ومعيشة من هم تحت نظره، وما تتطلبه منه الحياة ومشاكلها - حتى يؤدي المهمة التي عليه من غير إخلال بها أو تفريط فيها.
هذه هي مهمة المسلم، وهي مهمة في خير الإنسان وإسعاده دنيا وأخرى، وهذا ما يجب أن يعرفه كل مسلم في وقتنا هذا، كما عرفه أسلافنا الأولون، وقاموا به حق القيام، فقد جردوا أنفسهم من كل شيء يشغلهم - إلا ما لا بد منه - وانتشروا في الأرض دعاة هداة رحماء كرماء فأنقذوا أمما من الغواية والجهالة، لا زالت تذكرهم بكل إجلال وإكبار.
جهل المسلمون في وقتنا هذا ما هم مطالبون به، فظن الواحد منهم أنه يعيش لنفسه، ويتمتع بما شاء من متع الحياة، ويقضي واجبات نفسه، غير ناظر إلى حقيقة وجوده، وما عليه من أحمال ثقال، ومسؤوليات جسام،