للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لخسر لا محالة، فلا تنت له أرضه سوى الحشيش والشوك على أصل خلقتها.

أليس ما في هذا العالم من موجودات بكاف لمن تدبر في الدلالة على وجود الله؟ وأكبر آية في الدلالة على وجود الخالق الحكيم هي الإنسان نفسه.

ومعه هذا الكون الكبير، قال الله الخالق العليم لتعليمنا وإرشادنا - حتى لا نضل ولا نزيغ: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} (١) {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (٢) فإذا أقررنا بوجود الله الله الخالق الحكيم وجبت علينا طاعته وعبادته، كما أمرنا ونهانا بما في شرعه القويم.

فالإسلام - وهو دين البشرية كلها ولا دين لها سواه - وضع للعباد منهاجا وطريقا لعبادة الله، كالصلاة والصوم والحج وغير ذلك، وأمر العباد بعبادة الله وطاعته فيما أمر به ونهى عنه، ووعدهم بالثواب والجزاء على طاعته، وأوعدهم بالعقاب على معصيته، سواء أصدق الناس بهذا الوعد والوعيد أم كذبوا؟ ولكنها الحقيقة التي يجب أن تعلم وتذاع، والله سبحانه قال لرسوله: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} (٣).

فدين الإسلام يزكي النفس ويطهرها من الأرجاس والخبائث، كما قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} (٤) وقال: {إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} (٥) والله الرحيم بعباده لم يكلفهم بما فيه العنت والمشقة التي لا تتحملها النفوس البشرية ولا تطيقها، فكل تكاليف الشريعة الإسلامية - من مأمورات ومنهيات - في طوق البشر واستطاعتهم، وفي هذا يقول الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} (٦).


(١) سورة والذاريات.
(٢) الآية ٤٦ من سورة الحج.
(٣) الآية ٢٩ من سورة الكهف.
(٤) الآيتان ٩ - ١٠ من سورة والشمس.
(٥) الآية ١٨ من سورة فاطر.
(٦) الآية ٧٨ من سورة الحج.

<<  <   >  >>