للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا قيس التشريع الإسلامي بما جاء في غيره من الشرائع يلفى أن ما جاء به الإسلام ميسور وسهل على البشر، وفي حدود الاستطاعة والقدرة.

وقد حط عنا ربنا الكثير من التكاليف الشديدة والثقيلة التي كانت فرضت على من سبقنا من الأمم في دياناتها، كاليهود والنصارى، وفي هذا يقول رب العباد للعباد: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (١٥٦) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (١) ولكنه الضلال البشري الذي يعمي الأبصار عن رؤية الحق، والبصائر عن الانتفاع بما في هذا العالم من آيات كونية مفصحة ودالة على وجود الصانع القدير.

أما أن الإسلام دين فيه نظام الحياة فهو بين وظاهر في تشريع الأحكام، ذلك أن الإسلام نظم للمسلم حياته تنظيما دقيقا ومحكما، وأمره بالعمل بما في هذال النظام الذي وضعه رب العباد، فقد أحاط الإسلام المسلم بما شرعه له بسياج من الفضائل والمحامد بالنظر إلى المهمة التي أنيطت به، والمسؤولية التي ألقيت عليه، فتحملها كأمانة يجب عليه أن يرعاها ويحافظ عليها، فقد رسم له منهاجا بينا واضحا وأمره باتباعه والسير فيه، فأمره بما فيه خيره وسعادته، ونهاه عما فيه شره وشقاؤه، فإذا لم يمتثل لما طلب منه فقد خان العهد، ونقض الوعد، وإذا ساء حاله في حياته، فذلك يعود بالذات إلى سوء سلوكه وبعده عن منهج الإسلام الواجب اتباعه عليه، فقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم أمته على اتباع ما رسمه الله لعباده - وبلغه هو لهم - فقال: ((قد تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك)) (٢) من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه في موعظة الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه، تلك الموعظة البليغة التي أثرت فيهم حتى ذرفت منها عيونهم ووجلت منها قلوبهم بعد أن


(١) سورة الأعراف.
(٢) أخرجه أحمد وابن ماجه والحاكم عن العرباض.

<<  <   >  >>