للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طلبوا منه أن يعهد إليهم بشيء فقال لهم: قد تركتم الخ ... وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: ((تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله، وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض)) (١).

فإذا لم يؤد المسلم فروضه الدينية كلها من صلاة وصيام وغيرهما، وإذا لم يهجر ما حرمه عليه ربه في شرعه، ففيم يظهر إسلامه؟ وإذا لم تطبق حكومات الشعوب الإسلامية قوانين الإسلام فيما يحدث بين المسلمين من خصام ومخالفات ونزاع فكيف ساغ لها أن تجعل مادة في دساتيرها تنص على أن الإسلام دين الدولة؟ في حين أن الإسلام بعيد - ومبعد - تطبيقه في المجتمع الإسلامي، في الأسر والعائلات، وفي الأسواق والمنتديات وفي المحافل ومحاكم القضاة، وما وضعت تلك المادة في الدستور إلا للتلهية أو السخرية بالإسلام، لأن الإسلام كل لا يقبل التجزئة والتقسيم، فإما أن يؤخذ كله أو يترك كله. وما نسمعه أو نقرأه عن وجود مادة في دستور أية دولة من دول الشعوب الإسلامية تنص على أن الإسلام هو دين الدولة من غير عمل بالقوانين الإسلامية. أو بعبارة أوضح من غير تطبيق لما جاء في الشريعة الإسلامية - فكله تضليل وتغطية لا حقيقة عن أعين الشعوب الإسلامية، التي لن ترضى - أبدا - أن تنسلخ أو تسلخ عن دينها الإسلام الذي رضيه لها ربها دينا قيما.

فإذا سكتت الشعوب المسلمة عما تراه يخرج بها شيئا فشيئا عن دينها ولم تطالب حكوماتها بتطبيق أحكام الإسلام، وسكتت - أيضا - عما ترى من مخالفات صريحة لنصوص الشريعة الإسلامية - عملا وتطبيقا - فكأنها رضيت بذلك السكوت عما يجري في مجتمعها، فإنها تتحمل - هي الأخرى - قسطها من تبعات ضياع الإسلام في أرضها، وسيأتيها يوم لا تستطيع فيه الكلام، فتكون بسكوتها شريكة لحكوماتها في إهمال أحكام الإسلام، ويكون الجميع مسؤولين عن ضياع الإسلام - لا قدر الله - في أوطانه، وهي ساكتة كأن الأمر لا يعنيها ولا يهمها، إذ من المعروف أن الشعوب الحية - اليقظة - مراقبة دائما وباستمرار لحكوماتها وحارسة لها خوفا من الانحراف والانجراف إلى مهاوي الهلاك والخسران، وإذا جاء ذلك فعلى الجميع.


(١) رواه الحاكم عن أبي هريرة.

<<  <   >  >>