للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله عليه وسلم على عمر ثقته في اليهود الكذبة وتوراتهم المحرفة، وأرشده إلى أن ما في القرآن وشريعة القرآن يغنيه عن كل ما سواهما.

فقد روى الإمام أحمد - رحمه الله - بسنده عن جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فقرأه على النبي صلى الله عليه وسلم.

قال: فغضب وقال: ((أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبونه، أو بباطل فتصدقونه، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني)) معناه - كما قال أبو عبيدة - أمتحيرون في الإسلام حتى تأخذوه من اليهود؟

وقال الإمام أحمد بسند آخر: جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني مررت بأخ لي من قريظة فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعرضها عليك؟ قال: فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عبد الله بن ثابت: فقلت له - لعمر -: ألا ترى ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمر: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمجمد رسولا، قال: فسرى عنه الغضب وقال: ((والذي نفس محمد بيده لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم، إنكم حظي من الأمم، وأنا حظكم من النبيين)).

وورد الخبر هذا من طريق آخر فيه شيء من التفصيل، قال عمر: انطلقت أنا فاستنسخت كتابا من أهل الكتاب ثم جئت به في أديم، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما هذا في يدك يا عمر؟)) قلت: يا رسول الله كتاب نسخته لنزداد به علما إلى علمنا، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمرت وجنتاه، ثم نودي: (الصلاة جامعة)، فقالت الأنصار: أغضب نبيكم صلى الله عليه وسلم، السلاح السلاح ... فجاءوا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام فيهم خطيبا فقال: ((يا أيها الناس إني أوتيت جوامع الكلم وخواتمه، واختصر لي اختصارا، ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية، فلا تتهوكوا ...

<<  <   >  >>