للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما لها وزنها في الغنى والاستغناء بها عن الغير، تلك هي نعمة "كنوز الغاز والبيترول المدخرة في طبقات الأرض" فلم يرعوا نعمة الله حق رعايتها، واستعانوا بها على معاصي الله، من خمر، وفجور، وفسق، وغير ذلك كظلم العباد والكبير على عباد الله، وصدق الله في قوله {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} (١) هذا والعدو اليهودي فوق أنوفهم - مواقع عزهم - ماسك بخناقهم، جالس فوق أكتافهم، ركبهم كما يركب صاحب الحمار حماره، يهمزه بالمهماز، ويسوقه بالعصا إلى حيث يشاء ويريد، فضيق عليهم موارد رزقهم، وأخرجهم من ديارهم وأموالهم، وهم إلى جانب هذا الذل المحدق بهم لم يستيقظوا من نومهم وغطيطهم، وإذا استيقظوا هرعوا إلى مجالس (الأمم المتحدة) .. - وكأنها اتحدت ضدهم - - وهي من أسباب محنتهم وشقائهم - أسرعوا إليها يبكون ويشتكون - شأن الأطفال الصغار - وهم منهم يسخرون ومن تهوكهم يضحكون، هذا شأنهم كلما مسهم ضر اليهود - أو طاف بهم طائف من ربك وهم نائمون - فلو رجعوا إلى العمل بدينهم الذي رفع من شأن أسلافهم وأنابوا إلى ربهم - وتركوا هذه المزدكية العصرية - لأعانهم على كشف ما مسهم من الضر فيقوى إيمانهم بربهم وبأنفسهم، ومنه يأخذون عدتهم وقوتهم.

فالعرب اليوم قد اشتغلوا ببعضهم - أو قل بكراسيهم - وتركوا عدوهم يمرح ويلعب في ديارهم بأرواحهم، وفوق تراب أرضهم، وإذا رفع منهم نذير صوته منذرا بالخطر الداهم المدلهم نفوه أو سجنوه - أو شنقوه - ليستريحوا من صوته، بدعوى أنه أحدث شغبا أو أراد أن يحدث انقلابا ليستولي على السلطة أو على كرسي الحكم. فهم كما قال الفرزدق:

يستيقظون إلى نهاق حميرهم ... وتنام أعينهم عن الأوتار

حقا، لقد نامت أعين العرب عن الأخذ بثأرهم من عدوهم، فلم تكن بهم قوة لذلك، ولم تبق في قلوب أعدائهم هيبة منهم، ولا رعاية لحقهم، ومع هذا البلاء العظيم فهم لا زالوا - العرب - يمرحون ويلعبون، ويسودون بياض ورق الصحف بالتصريح تلو التصريح، وقد نسوا ما كان يقوله المظلوم من أجدادهم العرب الأحرار، فقد كان يقول الواحد منهم


(١) الآيتان ٦ - ٧ من سورة العلق.

<<  <   >  >>