للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطويل، فقد مات الشيخ رحمة الله عليه بعد زوال يوم الثلاثاء ٨ ربيع الأول ١٣٥٩ هـ، الموافق لـ ١٦ أفريل - نيسان - سنة ١٩٤٠، وفرنسا ألقت السلاح في جوان - حزيران - ١٩٤٠، أي بعد شهرين فقط من وفاته.

ألقت - فرنسا - السلاح في حرب لم تمكث سوى خمسة أيام فقط، وسقطت من علوها وجبروتها، وانهزمت شر هزيمة في التاريخ، ثم جاء مدفع الجزائر - القصير - في ثورة التحرير، فحرر الجزائر من الاستعمار الفرنسي صاحب المدفع - الطويل - وأخرجه منها إلى غير عودة إن شاء الله.

سقت هذه الواقعة للذكرى - لا غير - والذكرى تنفع المؤمنين.

إن طريق خلاص العرب مما وقعوا فيه لا زال واضح المعالم غير موصد ولا مسدود، وهو يكمن في العودة إلى النبع الصافي من كل الأكدار، إلى الشريعة الإسلامية الطاهرة المطهرة، وذلك بنبذ ما جلبوه - بعد ما جربوه - من أوطان لا تدين بدينهم "كالاشتراكية المزدكية الملحدة"، أما وهم ما زالوا في شك من أمرهم وتهوك - تهور - في شأنهم فهيهات منهم النصر على عدوهم هيهات ...

وهذه كلمة صريحة - أو نصيحة - في هذا المعنى لأمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه مرشدة إلى ذلك، فالواجب على كل مسلم أن يدرسها بعناية بالغة ويضعها نصب عينيه - وخاصة قادة العرب وزعماءهم - إن أرادوا النصر على عدوهم والتغلب على خصومهم - والمسلم لا يخلو من أعداء وخصوم - وهي تتلخص في تقوى الله والعمل بشرعه، والخوف من الذنوب والمعاصي أكثر من الخوف من العدو، كما جاء في رسالته إلى قائد جنده سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، فقد قال عمر لسعد في تلك الرسالة:

(أما بعد: فإني آمرك ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال، فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو وأقوى المكيدة في الحرب، وآمرك ومن معك أن تكونوا أشد احتراسا من المعاصي منكم من عدوكم، فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم، وإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم لله، ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة، لأن عددنا ليس كعددهم،

<<  <   >  >>