للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في قول القرآن: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} فهذا أجمل مبادئ الاشتراكية، والثانية في فرض الزكاة على كل ذي مال، وتخويل الفقراء - بواسطة ولي الأمر المسلم - حق أخذها غصبا إن امتنع عن دفعها طوعا، وهذا دواء الفوضوية.

إن الإسلام دين المحامد والفضائل، لو أنه وجد رجالا يعلمونه الناس حق التعليم، ويفسرونه تمام التفسير، لكان المسلمون اليوم أرقى العالمين وأسبقهم في كل الميادين، ولكن وجد بينهم شيوخ يحرفون كلامه، ويمسخون جماله، ويدخلون عليه ما ليس منه، وإني تمكنت من استغواء بعض هؤلاء الشيوخ في القيروان، والإسكندرية، ومكة، فكتبوا إلى المسلمين في الجزائر يفتونهم بوجوب الطاعة للفرنسيين، وبأن لا ينزعوا إلى الثورة، وبأن فرنسا خير دولة أخرجت للناس، وكل ذلك لم يكلفني سوى بعض الآنية الذهبية (١) انتهى كلام ليون روش.

والمتأمل في هذا الاعتراف التلقائي المقرون بالثناء على ما جاءت به الشريعة الإسلامية للمسلمين من قوانين عادلة قادرة على حل مشاكلهم، يدرك أمرين اثنين:

أولهما: انخداع المسلمين بالمظاهر الخارجية - وهذا راجع إلى طهارة قلوبهم من سوء الظن - كما قلت هذا سابقا وكما شهد بهذا هذا الجاسوس الفرنسي، من غير بحث عميق وترو في العلاقات الفردية والجماعية والدولية والظروف المحيطة بهم، وكم جر مثل هذا عليهم من ويلات ومصاعب ومتاعب تجرعوا مرارتها أحقابا وأحقابا، وقد أمر الله المسلمين بأخذ الحيطة والحذر من عدوهم حتى لا يخدعوا، قال الله تعالى: {وَخُذُوا حِذْرَكُمْ} (٢)، فمن الحزم واليقظة ألا يركن المسلم إلى من لا يعرفه بسهولة، ولكن كثيرا ما يقع مثل هذا للمسلمين، فينخدعون من جهة الإيمان، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم شاهد على ذلك، فقد قال: ((المؤمن غرم كريم٤ والفاجر - وفي رواية والمنافق - خب لئيم)) (٣) وليس معنى


(١) الحديقة ج ٧ ص ١٩٢.
(٢) النساء الآية ١٠٢.
(٣) رواه أبو داوود والترمذي والحاكم عن أبي هريرة.

<<  <   >  >>