للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذَلِكَ خَيْرٌ} (١)، لو فعلوا ذلك لاستراحوا من كل هذا العناء والتعب، ألم يقل لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل المسلم على المسلم حرام، ماله، وعرضه، ودمه، حسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم)) (٢) فهذه هي الوحدة الحقيقية التي يجب أن تكون في قلب كل مسلم لا غيرها، وحدة تجعل المسلم يحترم حقوق أخيه المسلم، فلا يؤذيه ولا يعاديه، ولا يعين عدوه عليه، وأحرى فلا يقتله أو يعين على قتله، أو يظهر الشماتة بما يصيبه من مكروه، ألم يقل للمسلمين رسولهم محمد عليه الصلاة والسلام ((إذا التقى المسلمان بسيفهما فقتل أحدهما صاحبه فالقاتل والمقتول في النار، قيل: يا رسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه)) (٣).

وبمناسبة الكلام على اليمن وما دار ويدور فيه بين الإخوة الأشقاء في العهد الأخير، تذكرت ما كان وقع بين الملكين العربيين المرحومين: الملك عبد العزيز آل سعود ملك الحجاز، والإمام يحيى حميد الدين إمام اليمن، عندما وقع بينهما نزاع على الحدود بعد استيلاء السعوديين على (الأحساء) أدى بهما ذلك النزاع إلى الحرب والقتال، وفعلا اشتعلت بين الإخوة الأشقاء نار حرب عمياء سنة (١٣٥٢ هـ ١٩٣٤ م) ابتدأها الإمام يحيى، فهجم على (نجران) واحتلها، كل ذلك من أجل قطعة رملية، ولم تخف عل المهتمين بالشؤون السياسية العربية اليد الأجنبية التي حركت الإمام يحيى إلى الهجوم على الأرض السعودية، وأصبح فيها المسلم - ولا أقول العربي - حاملا السلاح على أخيه المسلم، والأرواح تزهق، وأنات الجرحى تتصاعد من المستشفيات، شاكية إلى خالقها ظلم الملوك، وحب الاستيلاء والمطامع، فضج المسلمون وتألموا مما هو واقع بين الأخوين من أجل شيء تافه لا خير فيه، والتاريخ سجل أن الملك عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - وقف موقف المسلم الشاعر بالمسؤولية، فتأنى ولم يعجل في الرد بالمثل، ولما يئس


(١) النساء الآية ٥٩.
(٢) أخرجه أبو داوود وابن ماجه، في سننيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) أخرجه الشيخان وأبو داوود والإمام أحمد وغيرهم عن أبي بكرة.

<<  <   >  >>