للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من كف خصمه عن القتال قام بالعمل المماثل ودحر خصمه وأرجعه إلى حدوده، ولما رآى زعماء المسلين ما سيؤول إليه أمر النزاع من تشعب وخسارة في ذلك الوقت الحرج الدقيق، تقدم أولئك الزعماء - باسم الإسلام والقرآن - رافعين - صوتيهما - داعين الملكين إلى التوقف - حينا - على القتال، تقدم إليهما الإسلام والقرآن راجين منهما أن يقبلا تحكيمهما، ويرضيا بحكمهما حسب النص القرآني في قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (١) وقوله: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (٢) بهاتين الآيتين من القرآن تقدم زعماء المسلمين وعلماؤهم إلى الملكين العربيين المسلمين طالبين منهما العمل بهما وإلا كانت الخسارة على من أبى، لأنه هو الباغي.

تقدم - باسم الإسلام والقرآن إلى المتحاربين - إخوة مسلمون مؤمنون، أمرهم القرآن بالتقدم والوساطة بين المتحاربين، هؤلاء الإخوة المؤمنون كلهم ماتوا - رحمهم الله ونعمهم - إلا واحدا لازال على قيد الحياة (٣) فيما أذكر - أولئك هم المؤمنون الصادقون السادة: الأمير شكيب أرسلان اللبناني، ومحمد علي علوبة باشا المصري، وهاشم الأتاسي السوري، والحاج أمين الحسيني مفتي القدس ورئيس المؤتمر الإسلامي العام، وهو رئيس هذا الوفد الميمون - والمؤتمر الإسلامي العام في القدس هو الذي أمر بالسعي وكون الوفد - فأبرقوا إلى الملكين العربيين - بعد تأليف الوفد - طالبين منهما التوقف - حينا - عن القتال، وسيتولون الحكم بينهما بما حكم به الإسلام في مثل هذه الحال، ومن عصى هذا الأمر ولم يقبل تحكيم الإسلام وتمادى في الحرب حكم عليه الإسلام بالعدوان وعصيان القرآن، ويكون كل المسلمين عليه.


(١) سورة الحجرات الآية ٩.
(٢) النساء الآية ٥٩.
(٣) عنيت المفتي الشيخ أمين الحسيني الذي توفي هو الآخر في ١٤/ ٦ / ١٣٩٤ موافق ٤ - ٧ - ١٩٧٤.

<<  <   >  >>