للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فبأي شيء رد الملكان؟ أجابا جواب المؤمن بربه وبدينه وبقرآنه، أجابا بالرضى بحكم القرآن، كما كان الرد مشعرا بالتوقف عن الحرب وانتظار لجنة التحكيم، فبادرت لجنة التحكيم والوساطة بالسفر إلى مكة فصنعاء، واستمعت إلى كل واحد منهما يدلي بحجته، وألف كل واحد منهما وفدا للتفاوض، فاجتمعت الوفود الثلاثة وهي: وفد لجنة الوساطة، وعلى رأسه المفتي الحاج أمين الحسيني، والوفد السعودي وعلى رأسه فؤاد حمزة، والوفد اليمني وعلى رأسه عبد الله الوزير، وبعد الاجتماع والاستماع وفهم الموضوع، أصدرت اللجنة حكمها الفاصل في القضية، فرضي به الطرفان المتنازعان، واطمأن به المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، وارتاحت له ضمائر المؤمنين في العالم الإسلامي كله، وهللت له واستبشرت به روح محمد صلى الله عليه وسلم هي عليائها - لبقاء هذه الروح الإسلامية في أمته - وهذا كما قال الله العلي القدير: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} (١).

هذا هو الإسلام الذي يعالج الأمراض النفسانية والمشاكل العويصة الحل إذا وجد المؤمنين به حقا، فهو يسوي الخلافات بين أتباعه بالعدل، وحتى الحروب يوقفها وينهيها ويحل مشاكلها حلا عادلا يرضى به المتشاكسون المتخاصمون: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}.

فها هو اليمن - اليوم - ينقسم على نفسه - بعد استقلاله - إلى شطرين اثنين، شمالي وجنوبي، وتدخل اليد الأجنبية - دائما - بينهما ويشتد النزاع بين الإخوة أبناء الوطن الواحد، فشطره الشمالي تمسك بعروبته وإسلامه، وشطره الجنوبي انتحل الاشتراكية اليسارية دينا له ومذهبا يسير على مبادئه، وكان يحاول أن يضم إليه الشطر الشمالي، كما هي خطة هذه النحلة، مما أدى إلى الحرب بينهما.

والذي يعرفه الجميع أن النزاع الحالي بين قسمين اليمن: الشمالي والجنوبي قد لعبت فيه وفي توسيعه وتشعبه أغراض سياسية توسعية مذهبية، حتى أن بعض الدول العربية تدخلت فيه تدخلا سافرا مكشوفا، لا للصلح بين الإخوة الأشقاء بل لتوسيع شقة الخلاف ولتغليب قسم على قسم، ونصرة


(١) الآية ٢٥ من سورة الأحزاب.

<<  <   >  >>