طائفة على طائفة للمبدئ السياسي المعروف، غير أنها أخذت صفعة قوية على وجهها أيقظتها من غفلتها عما يجب عليها وأرجعتها إلى رشدها خاسرة خاسئة مما هو معلوم.
لم تتدخل بينهما بالصلح مثلما فعلت لجنة المؤتمر الإسلامي العام - ونجحت - بل أرادت أن تحمل إلى القسم الشمالي منه مرض أو طاعون (الاشتراكية المزدكية) فخابت، ولازال هذا الطاعون يضعف القسم الجنوبي منه، وهنا رأينا كيف طغت عقيدة الاشتراكية المزدكية على العقيدة الإسلامية، كما رأينا تأثير العقيدة الإسلامية على النفوس المؤمنة والمشاعر الحسنة، وهذا هو سبب نجاح المسعى الأول، وخيبة المسعى الثاني.
وإذا تأملنا ودققنا النظر في تلك الحادثة التي وقعت بين الملكين العربيين، والتي لم يمض عليها طويل وقت - أربعون سنة فقط - توصلنا إلى عمل الإسلام في قلوب أتباعه، وعرفنا حقيقة زعماء المسلمين في الماضي والحاضر.
ومن جهة أخرى نقول: أين عمل تلك اللجنة الخيرية الصلحية، التي حملت في يدها المصحف ونادت بتحكيمه، فرضي به الخصمان حاكما بينهما، من عمل (جمعية الأمم المتحدة) الحية والميتة ... ؟؟؟ وما فيها من مجالس، كمجلس الأمن وغيره، فإنها لم تستطع حل مشكلة واحدة من المشاكل التي يعاني منها العالم ما يعاني من آلام ومتاعب، كما أنها لم تستطع أن توقف أية حرب، بالرغم من الألقاب الضخمة التي يحملها أعضاؤها، ورغم الأموال التي تبذل - بسخاء - لها، ولهم، ولهن.
إن للإسلام قوة وسيطرة على القلوب المؤمنة به لا توجد في غيره، فقوته روحية خالصة لا تضاهيها قوة الحديد والنار، في قوة كامنة في نفوس المؤمنين، بها تغلبوا على خصومهم - ويعمل الآن خصوم الإسلام على إضعاف هذه القوة في المسلمين وهم لا يشعرون - وإن كانوا أكثر منهم قوة، فالمسلمون كما قال - ليون روش - الجاسوس الفرنسي الذي تقدم ما قاله في الإسلام والمسلمين حيث قال:(ثم بحثت عن تأثير هذا الدين في نفوس المسلمين، فوجدته قد ملأها شجاعة، وشهامة، ووداعة، وجمالا، وكرما).