فإذا انتصر هذا الجيش الذي حارب عدوه بنظامه المعروف، فإن النصر الذي ناله يشمل جميع فرق الجيش، - كما أن الهزيمة تشمل الجميع - لا فرق بين من حمل السلاح، وبين من بقي في المؤخرة يهيئ الطعام أو يحرس الذخيرة الخ ...
فإذا تطاول حاملو السلاح في الواجهة على الطباخين - مثلا - وقالوا لهم - مفتخرين - نحن اللذين جئنا بالنصر، والفضل لنا، أجابهم طباخو الطعام: نحن شركاء لكم، إذ لنا سلاحنا كما لكم سلاحكم، ولولانا لما قدرتم على الوقوف في الواجهة، والحق إلى جانبهم، وكل العقلاء يوافقونهم على قولهم، ويحكمون لهم بأنهم شركاء في النصر، فهم ومن حمل السلاح سواء.
هذا هو الواقع، وهو ظاهر فلا يمكن تغطيته بكلمات فارغة جوفاء لا معنى لها، وخطب تطرز وتحشى بألفاظ العطف والشفقة ورعاية المصلحة إلى غير هذا، ولكنها في الحقيقة تضليل ومخادعة وتضييع للمصلحة العامة، كل ما فيها هو إفساد للمجتمع بإفساد عضوه العامل في دائرة عمله، وتعطيله عن العمل الخاص به، من أجل إرضاء رغبات شيطانية ألبست لباس العدل ودفع الحيف والإجحاف، ولا ينبئك مثل خبير، فإن الأخبار بفساد المجتمع - الاشتراكي - في كل مكان - متواترة - والتواتر يفيد القطع كما هو معلوم.
فالمرأة المسلمة أكرمها الله، وأسبل عليها ستره، وحفظها بحفظه، غير أن البعض منهن - أو منهم - أراد أن يكشفها، فكشفها - فعلا - ورمى بها وسط مجتمع لا تربية إسلامية له، ولا آداب ولا أخلاق حسنة فيه، فذهبت ضحية الأغراض السيئة، فالمرأة المسلمة أعزها الله في شرعه، وأراد إخوة إبليس إذلالها وإهانتها وشقاءها، فكثيرا ما غبطتها المرأة الأروبية القديمة والحديثة، وتمنت أن لو كانت مثلها - في كرامتها وتكريمها - وفي هذه القصة التي أذكرها الآن نوع من ذلك التمني. ذكر لي أحد الأصدقاء من الذين قضوا مدة في فرنسا - كعامل فيها - هذه القصة قال:
في يوم من الأيام قمت لعملي مبكرا، وركبت القطار الذي يسير تحت الأرض المسمى - ميترو - وكان - بالطبع - مختلطا بالعاملين والعاملات،