للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمور، ولقال العقلاء لنا: إنكم قوم مجانين جهلة لا ذوق لكم، فأنتم والحيوانات العجماوات سواء، كما هو واقع - فعلا - الآن ...

إن الشريعة الإسلامية - العادلة - قد وزعت الأعمال والأدوار - حسب الفطرة - على صنفي بني آدم وحواء - الذكر والأنثى - فلكل منهما عمل يؤديه، ودور يقوم به في هذه الحياة، فإذا قام كل واحد منهما بعمله أحسن القيام، وأتقن دوره صلحت الحياة، وعمها البشر والسرور والطمأنينة، وكانا شريكين صادقين أمينين فيه، أما إذا أخل أحدهما بما أسند إليه فتركه وراح يعمل عمل غيره، فإن الحالة تنعكس إلى ضدها - وهذا مما هو مشاهد - وتهلك البلاد.

ولنفرض - ثانيا - أن بلادا - ما - هاجمت بلادا أخرى، فإن النظام المتبع أن الجيش هو الذي يتولى الدفاع عن البلاد، والعمل على صد العدوان بكل وسيلة هي في الإمكان.

هذا الجيش الذي يذهب إلى الواجهة يحمل معه السلاح ليقوم بواجب الدفاع عن تراب الوطن، هو في حاجة إلى من يحضر له جميع ما يحتاج إليه، من طعام ولباس وذخيرة حربية وغير ذلك من الضروريات اللازمة للموقف، فلا يقبل عقلا - وعرفا - أن نقول: يجب على كل فرق الجيش أن تتوجه إلى الواجهة حتى الفرقة التي كانت تهيئ له المعدات الضرورية وغيرها، من غير أن تبقى فرقة لتهيئة ما يلزم من الضروريات، فإذا ذهبت - على هذا الفرض - كل فرق الجيش إلى ميدان المعركة، فإنها لا تقوى على الثبات في وجه العدو الذي يحاربها، فإذا أصابها الجوع أو العطش، أو نفدت لها الذخيرة، أو لم يكن لديها طعام وشراب وذخيرة، أصابها الضعف وتقهقرت إلى الوراء وخسرت المعركة وغلبت على أمرها، لأن قواها ضعفت، ولم تبق لها قوة للدفاع عن نفسها وبلادها، وانهزم الجيش في هذه المعركة، فإن كل فرق وأفراد الجيش شركاء في الهزيمة.

أما على النظام المتبع الذي جرت به العادة - لدى جيوش جميع دول العالم - فإن طائفة تحمل السلاح وتسير إلى ميدان المعركة لمحاربة الأعداء، وهي مطمئنة على قوتها وضرورياتها، لأنها تعرف أن طائفة أخرى من الجيش بقيت وراءها لتحضر لها طعامها وشرابها وضرورياتها من لباس ومعدات وغيرهما.

<<  <   >  >>