للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو غيرهم كالبربر المشركين الكافرين يشمله هذا النهي وهذا الوعيد الشديد، إذ لا عزة إلا بالتوحيد وطاعة الله وتقواه، كما في الآية المتقدمة، وهي قوله تعالى:

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} فمن - يا رب - للمسلمين الذين تركوا عز الإسلام والتوحيد والخلق الكريم، وراحوا يبحثون وينقبون في المقابر والآثار عن رفات الجاهليين والمشركين، ليباهوا بها وبهم الأمم الجاحدة لربها المنكرة لخالقها، بأنهم هم - أيضا - كان لهم أصل في الشرك، فها هم يحنون إليه، ويعتزون به .. ؟؟ فاللهم أنقذهم من هذا الضلال المبين، فقوم منهم يفاخرون بآثار الرومان، وآخرون بآثار الفراعنة، وآخرون بآثار البابليين أو الآشوريين أو العمالقة، أو القرطاجنيين، أو البربر ... وتنفق حكوماتهم في سبيل ذلك الأموال الوافرة في سبيل المحافظة على تلك الآثار - لأنها تجلب السواح ومعهم المال، أما العقيدة وأثرها فلا قيمة لها - فهي تذكر بالشرك والمشركين، وما لهم لا تكون لهم أسوة فيما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم بأصنام المشركين التي كانت في الكعبة المشرفة؟ فقد كسرها جميعها يوم فتح مكة، وهو يتلو قول الله عز وجل:

{وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} (١) إذ من هذه التماثيل يدخل الشرك إلى القلوب، ويعود إلى الحفدة، كما ذكر العلماء في سبب عودة الشرك وظهوره إلى الأرض بعد أن طهرت منه بالطوفان، ذلك أن إبليس أخرج الأوثان التي كانت ردمت بالطوفان، وهي المذكورة في سورة نوح عليه السلام في الآية (٢٣) وهي: ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر، وهي تماثيل كانت تمثل رجالا صالحين، فجاء إبليس إلى الحفدة ووسوس لهم وحثهم على عبادتها، وقال لهم: هذه آلهة آبائكم فاعبدوها - برورا بهم - كما كانوا يعبدونها فعكفوا على عبادتها، وكما فعل - السامري - ببني إسرائيل - قوم موسى - كما أخبر بذلك القرآن في قوله: {فَكَذَلِكَ


(١) سورة الإسراء الآية ٨١.

<<  <   >  >>