للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن الهدامين للعقيدة والشريعة الإسلامية، والمخربين للأخلاق الحسنة، الجانين على الفضيلة والكرامة، إن هؤلاء مرضي عنهم، بل ويشجعون على هدمهم وتخريبهم، مع الكلمة المسموعة والاحترام، وما هذا من بشائر الخير.

إن المدافعين عن الإسلام يكفيهم - جزاء - رضى ربهم عنهم، ويكفيهم أنهم قاموا بواجب مفروض عليهم، أرضوا بعملهم ذلك ربهم، وبيضوا صحائف تاريخهم وتاريخ دينهم، ليس لهم - من وراء ذلك - مطمع دنيوي، ولا غرض دنيء يعملون من أجله، وحسبهم هذا شرفا وذكرا حسنا، ذلك أنهم في زمان قل فيه حماة الفضيلة وأنصار الحق والخير، وكثر فيه أشياع الرذيلة والباطل والشر، ولقد أحسن القائل القديم في قوله:

مررت على الفضيلة وهي تبكي ... فقلت على ما تنتحب الفتاة؟

فقالت: كيف لا أبكي وأهلي ... جميعا دون خلق الله ماتوا؟

إن الرضى النافع إنما هو رضى الله، والسخط المهلك إنما هو سخط الله، ومن أجل هذا يعمل العقلاء على أن ينالوا رضى ربهم ويبتعدوا - ما استطاعوا - عما يسخطه ويغضبه، أما غيرهم فإنهم يعملون مجتهدين لما يرضي المخلوق، وإن أغضبوا الخالق في سبيل ذلك.

ذكروا أن معاوية بن أبي سفيان كتب إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم يقول: أن اكتبي إلي كتابا توصيني فيه ولا تكثري علي، فكتبت له:

أما بعد فإني سمعت رسول الله يقول: ((من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس)) والسلام) (١) كما جاء في حديث آخر قوله عليه الصلاة والسلام:

((من أسخط الله في رضا الناس سخط الله عليه، وأسخط عليه من أرضاه في سخطه، ومن أرضى الله في سخط الناس رضي الله عنه، وأرضى عنه من أسخطه في رضاه، حتى يزينه ويزين قوله وعمله في عينيه)) (٢).


(١) رواه الترمذي.
(٢) رواه الطبراني بسند جيد وقوي عن ابن عباس رضي الله عنهما.

<<  <   >  >>