للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سنة عشرين وخمسمائة]

[كتاب سَنْجَر إلى السّلطان محمود]

لمّا علم السّلطان محمود بقتال الخليفة لطُغْرُلْبَك فرح، وكاتب الخليفة وقال: قد علمت ما فعلت لأجلي، وأنا خادمك. وتراسلا بالأيْمان والعهود عَلَى أنّهما يَنْقَضّان عَلَى سَنْجَر، فعلم سَنْجَر، وبعث إلى محمود يَقُولُ: أنت صبيّ، والخليفة قد عزم عَلَى أن يمكر بك وبي، فإذا اتّفقتما عليَّ ففرغ مني، عاد إليك، فلا تَصْغِ إليه. وأنا فما لي ولدٌ ذَكَر، وأنت لمّا ضربْتَ معي مصَافّا فظفرت بك، لم أسئ إليك وقتلتُ مِن كَانَ سببًا لقتالنا، وأَعَدْتك إلى السَّلطنة، وجعلتك وُلّي عهدي، وزوَّجتُك ابنتي، فلمّا تُوُفّيَتْ زوَّجتُك الأخرى، فسِر إلى بغداد بالعساكر، وأمسِك الوزير ابن صَدَقة، واقتل رءوس الأكراد وخُذ آلة السَّفَر الّتي عملها، وتقول للخليفة: ما تحتاج إلى هذا، أَنَا سيفك وخادمك، فإنْ فعل وإلّا أخذته بالشّدّة، وإلّا لم يبق لي ولا لك معه أمر.

وبعث إليه رجلًا، وقال: هذا يكون وزيرك. فثنى عزمه.

[انزعاج الخليفة مِن قدوم السّلطان إلى بغداد]

فكتب صاحب الخبر إلى الخليفة بذلك، فنفَّذ الخليفة إِليْهِ سديد الدّولة ابن الأنباريّ يقول له: ينبغي أن تتأخّر في هذه السّنة لقلّة المِيرة. فقال: لَا بدّ لي مِن المجيء: وتوجّه. فلمّا سَمِعَ الخليفة نفّذ رسولًا وكتابًا إلى وزير السّلطان، يأمره بردّ السّلطان عَنِ المجيء، فأبي، وأجاب بجوابٍ ثَقُل سماعُه عَلَى الخليفة، وشرع في عمل آلة القتال، وجمع الجيش. ونوديَ ببغداد في ذي القِعْدة بعبور النّاس إلى الجانب الغربيّ، وازدحم الخلق [١] ، وبعد أيّام بدا


[١] وقال ابن العمراني: وصار العامّة يغنّون في الأسواق: