للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

نحو استوى الماء والخشبة بمعنى: ساواها، وهذه معاني الاستواء المعقولة في كلامهم١.

ومما يؤكد- أيضا- أن السلف يعلمون معنى الاستواء قول ابن عبد البر: "والاستواء معلوم في اللغة ومفهوم وهو: العلو والارتفاع على الشيء، والاستقرار والتمكن فيه".

قال أبو عبيدة في قوله واستوى قال: علا، قال: وتقول العرب: استويت فوق الدابة، واستويت فوق البيت، وقال غيره: استوى، أي: انتهى شبابه، واستقر فلم يكن في شبابه مزيد، والاستواء الاستقرار في العلو، وبهذا خاطبنا الله عز وجل وقال: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ} ، وقال: {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيّ} ، وقال: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ} ٢.

وقال الشاعر:

فأوردتهم ماء بفيفاء قفرة ... وقد حلق النجم اليماني فاستوى

وهذا لا يجوز أن يتأول فيه أحد: استولى، لأن النجم لا يستولي.

وقد ذكر النضر بن شميل- وكان ثقة، مأمونا، جليلا في علم الديانة واللغة- قال: "حدثني الخليل- وحسبك بالخليل- قال: أتيت أبا ربيعة الأعرابي، وكان من أعلم من رأيت، فإذا هو على سطح فسلمنا فرد علينا السلام، وقال لنا: استووا، فبقينا متحيرين ولم ندر ما قال؟


١ انظر: "مختصر الصواعق المرسلة": (٢/ ١٢٦- ١٢٧) .
٢ سروة المؤمنون، الآية: ٢٨.

<<  <   >  >>