للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن مذهب السلف هو التقيد باللفظ مع تفويض المعنى المراد، وأنهم كانوا لا يفسرون الاستواء ولا يتكلمون فيه، فمن خلال ما تقدم من أقوال نقلت عن السلف يتضح كذب هؤلاء وزيف ادعائهم.

ومما ينبغي معرفته أن السلف مع إثباتهم لمعنى الاستواء، واعتقادهم بأن الله مستو على عرشه ومرتفع عليه، إلا أنهم يكلون علم كيفية ذلك الاستواء إلى الله- عز وجل- لأن أمره هو مما استأثر الله بعلمه، وفي ذلك يقول القرطبي: "ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة، وإنما جهلوا كيفية الاستواء، فإنه لا تعلم حقيقته، كما قال الإمام مالك: "الاستواء معلوم "- يعني في اللغة- والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة"١.

وقال ابن القيم: "إن العقل قد يئس من تعرف كنه صفات الله وكيفياتها، فإنه لا يعلم كيف الله إلا الله، وهذا معنى قول السلف "بلا كيف أي: بلا كيف يعقله البشر، فإنه من لا تعلم حقيقة ذاته وماهيته، كيف تعرف كيفية نعوته وصفاته، ولا يقدح ذلك في الإيمان بها، ومعرفة معانيها، فالكيفية وراء ذلك، كما أنا نعرف معاني ما أخبر الله به من حقائق ما في اليوم الآخر، ولا نعرف حقيقة كيفيته مع قرب ما بين المخلوق والمخلوق، فعجزنا عن معرفة كيفية الخالق وصفاته أعظم وأعظم"٢.


١ "تفسير القرطبي".
٢ "مدارج السالكين": (٣/ ٣٥٩) .

<<  <   >  >>