وأما همزة الوصل فدخلت على صنوف الكلام الثلاثة فأما الأسماء فكان دخولها في المصادر منها كثيرا وذلك أنها لحقت ثلاثة أصناف من أصناف من المصادر. فالصنف الأول مصدر ما أصله ثلاثة وهو ثمانية أبنية إلا أنه مزيد فيه وذلك انفعل وافتعل واستفعل وافعوْعل وافعوَّل وأفعنلى وافعل وأفعال وتاسع ملحق هو افعنلل وافعنلى ملحق أيضاً والصنف الثاني ما كان من بنات الأربعة وهو بنا آن افعلل مثل اقشعرو افعنلل مثل احر نجم، والصنف الثالث همزة وصل تلحق مصدر تفاعلت وتفعلت وتفعللت وما زيدت فيه هذه التاء وبعدها حرف يصلح أن يدغم فتقول تدحرج تدحرجا وتطير تطيراً وتثاقل تثاقلا فإذا أدغمت هذه التاء فيما بعدها لحقت همزة الوصل ضرورة، وفي الكتاب الزيز قالوا اطير نابك وبمن معك وقوله اثاقلتم إلى الأرض فإنما الأصل تطيرتا وتثاقلتم فإذا اردت أن تنطق بمصدر اطيرنا وبابه فلك فيه وجهان أحدهما أن تجيء به على لفظ التطير فتقول اطير إطرا واثاقل اثاقلا وكذلك حكي عن العرب أنها تقول اطوفتُ بالبيت اطوافا وأثاقلت اثقاقلاً والآخر أن تبنيه على التفعال لان من العرب ما يقول: تطيرت تطيارا أو تفرق القوم تفراقا وعلى هذا يروى بيت تأبط شراً:
طيف ابنة الحر إذ كنا نواصلها ... ثم اجتنبت بها بعد التفراقو
وقال أبو زبيد الطائي:
فثار الزاجرون فزاد منم ... تقراباً وصادفهُ ضبيس
فتقول على هذا في مصدر اطير واثاقل اطيار واثيفقال وان كان اثاقلت ليس على وزن اطيرت ولكنهما يتساويان في المصادر ووزن اثيقال اتفيعال ووزن اطيار اتفعال وأما الأفعال فإن ألف الوصل كثرت فيهن لأنها دخلت في الأمر بالثلاثية وهي أفعال هذه المصدر التي تقدم ذكرها، وأما الحروف فأن ألف الوصل لحقت لام التعريف لا ضير فقالوا الرجل والاحمر وإذا تحرك ما بعد ألف الوصل فسقوطها هو الوجه إلا انهم قالوا إذا القوا حركة الهمزه على لام التعريف الحمر فاثبتوا لما كانت الحركة ليست أصلا وانما هي منقولة من حرف إلى حرف وقد قال بعضهم لحمر فحذفوا الهمزتين همزة الوصل همزة القطع وعلى هذا تجمل قراءة أبي عمرو عاداً لولى إنما هي الأولى فلما حركت اللام بحركة الهمزة سقطت همزة الوصل وقولوا قالوا الآن جئت بالحق وما كان مثله يجوز فيه قالوا لان باظهار الواو وقالوا لان بحذفها فمن أثبتها كانت حجته انها حذفت لا لتقاء الساكنين فلما تحرك الساكن الذي حذفت للقائه وجب إن تثبت ومن حذفها فحجته أن الكلام بقي على حاله من قبل نقل حركة الهمزة إلى اللام ومن هذا الباب بيت أنشده الرماني:
وقد كنت تخفي حب سمراء حقبة ... فبح لان منها بالذي أنت بائح
وقرأ بعض الاعراب هياك نعبد فهدا أبدل الهاء من الهمزة كما قالوا أما والله وهما والله وهرقت الماء وأرقت وأنشد الكسائي في كتابه في القرآن:
وأنت صواحبها فقلن هذا الذيمنح المودة غيرنا وجفانا يريد إذا الذي فجعل همزة الاستفهام هاء واحكام هياك في الاشتقاق والهمزة مثل أحكام إياك لان الهاء مبدلة من الهمزة إلا ان من قال ي إيا هي افعل لزمه ان يقول إذا ابدل الهمزة وزنها هفعل لان النحويين يمثلون حروف الزوائد على جهاتها فيقولون وزن عثمان فعلان فيزيدون الألف والنون لأنها زائدتان في عثمان وهفعل بناء مستنكر وقد ادعى بعض الناس ان قولهم في صفة الكلب هبلع على وزن وانه مشتق من البلع وليس يثبت مثل هذا.
ولوا زعم زاعم ان هياك بناء آخر وان الهاء غير مبدلة من الهمزة لجاز ان يكون اشتقاقه من الهوى الذي هو هدي النفس ومن الهواء الذي هو هواء الجو. لان الفعل من ذلك هَوي وهَوِىَ فان بني منه فعلى أو فعلى فانك تقول هيا وهيا ويجز ان تكسر الهاء لجوار الياء كما كسرتها في قولك حي بالمكان أي حي فيه ويجوز أن يكون قولهم هويت وهويت مأخوذاً من الهوة فيكون أصله من وواين إلا انهم كرهوا اجتماعهما اذ كانوا لا يقولون هووت وثقل عليهم في التثنية أن يقولوا هو وان فقلبوه إلى الياء وليس لقائل أن يكون هياك إذا كانت للمضمر من لفظ هو وهي لان ذينك وضعا للمرفوعات وليس تشديد من شددهما بحجة على هذا القول لان من العرب من يقال هوَّ وهيَّ فيشدد قال طرفة:
وكاين ترى من يلمعي محظرب ... وليس له عند العزائم جول