يريد حُبا حبا فان هذا شاذ لا ينبغي أن يجعل أصلا يُرجع اليه وإذا كان الغرض في قول القائل ابنوا من هذه الكلمة مثل هذه وهو لا يحفل أنطقت به العرب أم لا انما هو بناؤه الكلمة على معنى التمثيل فذلك لا يمتنع منه شيء فلو بنيت على هذا الرأي من سفرجل مثل مهيمن لقلت مسيفرُ فحذفت الجيم واللام وكان الخماسي أشد احتمالا للحذف من الرباعي لأنك لما حذفت منه حرفين بقيت ثلاثة أصول ولما حذفت منه الرباعي حرفين بقي حرفان أصليان إلا أنهم اعتمدوا على الألف في حذف الحباحب وجعلوها كالأصلي وكذلك ميم منازل وألفها جهلوهما بمنزلة ما هو ففي نفس الحرف، وكذلك لو قيل لك إبن من زلزلت مثل مُفيعل لا متنعت من ذلك على رأي الخليل وسيبويه لأنك لا تجد له نظيرا في كلامهم وان كان غرضك إن تأتي باللفظة في نطقك مثل تنطق بالظاءين ابتواليتين وان كانت العرب قد رفضت ذلك وكما تنطق بالضاد بعد الظاء فانك تجدهم قد اختلفوا في بناء زلزال فقال المتقدمون من البصريين وزنه فعلل وليس هو من الزليل بل هو بناء آخر كما أن سبطرا ليس من السَّط: وقال المتقدمون من أصحاب اللغة وزن زلزل فعفع وقال بعضهم وزن زلزل فعفل والى ذلك ذهب الزجاج فإذا قيل إن زلزل فعلل فاستكرهت البناء على مهيمن من زلزل قلت مزيلز فحذفت اللام الآخرة كما حذفت جيم دحرج كما حذفت باء عندليب لما قلت العندلة ومن قال إن زلزل وزنه فعفع فان مثل مفعل لا يتهيأ منه لأن مفيعلا فيه لام أصلية وليس ذلك في فعفع ومن زعم أنه فعفل فانه يحذف الزاي الثانية حتى يخلص له من ذلك فعل ثم يقول في وزن مهيمن منه مزيل فيدغم كما قال مُسير أو يظهر فيقول مُسيرر ومزَيلل على رأي سيبوية ومن ذهب إلى أن مهيمناً مفعلن وأنه من هام يهيم فانه إذا بنى مثله من ضرب قال مُضرْبِن ومن قام مُقوْمن ومن باع مبيعن ويبعد أن يبنى مثله من دحرج إلا على قياس قولهم الجعفلة والحمدلة وذلك شذوذ لا يطرد لأنك لو بنيت مثل مُفَعْلنُ لحذفت الجيم الأصلية وجئت بالنون الزائدة وكذلك حالهُ في زلزل وبابه إلا انك إذا استكرهت الكلمة قلت في مثل مُهيمن من زلزل إذا جعلته فعلل مزلزن وإذا جعلته فعفع لم يمكنك ذلك لأنه لالام فيه وإذا جعلته فعفل مُزلن لأنك تحذف الفاء وتجمع بين العين واللام ومن زعم أن مُهيمناً مهفعيل وبنى مثله من ضرب قال مهضرب ومن عدَّ وسر مهعد ومهسر ومن قام وباع مهقم ومهسع على مثال مهريق وهذه قياسات تنبسط وفيما ذكر كفاية.
[القول في اللفظ المنقول من كتاب المراغي]
إذا أشكلت الألفاظ في كتب والغرض معلوم فما ينبغي للناظر أن يحفل بذلك وليقصد أخذ المعنى والفاء ما يظهر من اللفظ الفاسد وان كان الغرض غير مفهوم فعند ذلك يجب التوقف والذي قصده المراغي بين واضح والكرم الذي نقل قد سقط منه شيء يحتمل أن يكون عبارة من عبارات مختلفةٍ ولا يفتقر إلى تمثيله لأن الباب في هذا إن الياء إذا كانت في الواحد مخففة فهي في الجمع كذلك وإذا كانت مشددة في الآحاد رجع التشديد في الجموع مثال ذلك أنك تقول أضحية وأمنية وتقول في الجمع أماني وأضاحي وقد يجوز في مثل ذلك التخفيف وان كانوا لم يخففوا الواحد لأنهم قد قالوا الأماني بالتخفيف والتشديد هو اللغة العلية قال الشاعر في التخفيف:
فيا زيد عللنا بمن يسكن الغضا ... وان لم يكن يازيد إلا أمانيا
وقال جرير:
تراغيتم يوم الزبير كأنكم ... ضباغ بذي قار غنلا الأمانيا
وكذلك قالوا أثفيه بالتشديد وقالوا في الجمع أثافيُّ فكان تشديد الياء هو الوجه كما قال زهير: أثافي سفعا وقد يجيء مخففة قال الراعي: نصبت لها بعد الهدو الأثافيا