فمن أنشده بتحريك الدال يجوز إن يكون على مذهب من قال يدى على مثال رحى وعلى مذهب من قال يد يافتى لانه يجعل مثل قوله دميان في دم على رأي من زعم أن وزن دم فعلُ بسكون العين في الأصل فهذا مما حذفت منه الياء.
وأما الواو فحذفت من غد وقُلة وغيرهما وحذفها كثير وقالوا غد في معنى غد ومن ذهب إلى أن الرد يجب أن تقر معه الحركة ة لزمه ألا يجعل غدواً مردود غد ولكن يجعله لغة أخرى لأنه لو رد غدا على رأي من يقول أن دما فعل ويقول في تثنيته دميان لوَجب إن يقول غدا في وزن عصا فيقلب الواو ألفا لآن قبلها فتحة وهي طرف.
وأما الهاء فحذفها أقل من حذف الواو والياء لأنهم قالوا سنة وقالوا في تصغيرها سُنيهة وقالوا نخلة سنهاء إذا أصابتها سنة شديدة فدلوا بذلك على أنها من ذوات الهاء وقد ذهب قوم إلى أن المحذوف منها واو استدلوا بقولهم سنوات إلا أن الهاء تحذف لخفائها ولأنها تُجانس حروف المد واللين لأنهم يجعلونها وصلا في الشعر كما يجعلون الواو والألف والياء ويزيدونها في الوقف على معنى الاستراحة في أشباه كثيرة وقد أبدلت منها الياء في قولهم دُهديته وأصلها دهدوهة والدهدوهة ما دُحرج يقال دهدوهةُ الجُعل ودُهديته لما حرجه وشبهت الحاء بالهاء لأنها تقاربها في المجرى فحذفت في حرف واحد.
القول في سيد وميتٍ
الترخيم لا يجب أن ترد به الآمثله إلى أصولها لأن الرد إنما يقع فراراً من مجيء شيءعلى غير أمثله العرب وليس ذلك في سيدٍ وبابه لأن سيدا وميتاً على وزن فيعل في رأي البصريين وزعم الرؤاسي أن أصله فيعل فنقل إلى فيعل وهذا راجع إلى القول الأول وزعم الفراء أن أصله سويد ومويت وكذلك يزعم في جميع هذه المعتلات وكأن مذهبه أن الواو سكنت وأدغمت في الياء والإدغام يغير الأول إلى حال الثاني فأصل سيد على القولين الأولين سيودٌ وأصله على القول الثاني سويدُ ثم نُقل إلى سويد والفراء يعتل لمذهبه بقولهم طّيبٌ وطُياب فجاؤا به على فعيل وفُعال كما قالوا طويلٌ وطوّال وأنشد:
إنا بذلنا دونها الضرابا ... لما وجدنا ماءها طُيابا
وقال الآخر:
جاء بصيد عجب من العجب ... ازيرق العينين طُوّال الذنب