للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فإما الذين قالوا المو فشددوا فإنها لغة العرب إذا أرادوا تخفيف الهمزة القوها وشددوا الحرف الذي قبلها وقد قرأ بعض الناس ما يفرقون به بين المر وزوجه وتنسب هذه القراءة إلى الحسن ولو حقرت على هذه اللغة لوجب أن تردد فتقول مريء إلا ان يدعي مدع أن قولهم المر بتشديد الراء أصل آخر سوى المرء فيقول في التصغير مربر فإما تشديد الحرف الذي قبل الهمزة الملقاة فقد حكي ومنه قول الشماخ:

رأيت عرابة اللوسي يمو ... إلى الغايات منقطع القرين

واشتقاق المرء والله اعلم من المروءة والمعنى في ذلك أن المرء وهو الواحد من بني آدم يميز بفعله من أصناف الحيوان كما تقوا في فلان إنسانية أي يفعل أفعالا جميلة وكذلك قولهم فيه مروءة أي هو أمروء وهذا يحتمل وجهين أحدهما ان يكون أريد به في الأصل تفضيل ابن آدم على غيره من حيوان الأرض والثاني أن يكون أريد به التفضل في النية كما يقولون فلان رجل وقد علم ان الرجال كثير وأنه كغيره منهم وإنما اراد أنه ممن يحكم بالتفضل وهدا يشبه قولهم ما كل زيد زيدا ما كل عمرو عمرا وفي الحديث ان يهوديا رأى عليا عليه السلام يبتاع جهازا فقال له بمن تزوجت فقال بفاطمة بنت محمد (فقال اليهودي لقد تزوجت بامرأة فهذا على معنى التعظيم والخوصية كما قال الهذلي:

لعمر أبي الطير المربة بالضحى ... على خالد ان قد وقعن على لح

وأما دم فإن المحذوف منه ياء وبعض الناس يرى أن وزنه دمي على مثال ضرب وإنه مسكن الأوسط في الأصل ولا يلزم أنه محرك الأوسط لأجل قول الشاعر:

فلو أنا على حجر ذبحنا ... جرى الدميان بالخبر اليقين

لأن سيبويه إذا رد الساقط ترك الحركة اللازمة على حالها قبل الرد وكذلك رأيه في عدة وجهة إذا رد الواو يقول وعدة ووجهة ورأي أبي الحسن سعيد في مسعدة إن يقول وعدة ووجهة فيرد البنية إلى ما يجب من قبل الحذف وقال بعض النحويين دم أصله فعل وجعله كالمصدر لدمي يدمى دمى كما يقال عمي يعمى عمى ولِمى يلمى لمىً من لمى الشفة وهو سمرتها وسوادها وقد حكى أبو زيد أنه يقال دمى على مثال رحى فإذا صح ذلك فقد بطل الكلام وقد أنشدوا هذا البيت:

ولكن على أعقابنا يقطر الدَّما

على أن الألف أصلية ليست للاطلاق وأنشد أبو زيد:

كأطوم فقدتُ برغزها ... أعقبتها الغبس مُنه عدما

غفلت ثم أنت تطلبه ... فإذا هي بعظام ودما

فان كان هذا صحيحا فقد يجوز أن يستعمل الشيء ناقصا وتاما كما قالوا أبٌ وقال بعضهم أبا.

يد فعل بسكون العين واستدلوا على ذلك بقولهم أيد قاسوه على كلب وأكلب وشهد على أن أصله الياء قولهم يديت إلى الرجل ولو لم يُسمع يديت لوجب أن يكون الذاهب ياء لأنه لم يأت في كلامهم فعل ثلاثي أوله ياء وآخره واو وقد أتى ضد ذلك ما أوله واو وآخره ياء مثل وعيت وونيت ووقيت فوزن يدفع وقالوا يدي في الجمع فجاءوا به على مثل كلب وكليب وعبد وعبيد وأنشد أبو زيد لضمرة بن ضمرة:

فلن أذكر النعمان الا بصالح ... فإن له عندي يديا وأنعما

فقيل يدي جمع يد على مثال عبد وعبيد وأجاز الفراء ان يكون على مثال بردي وفروا إلى الفتحة من أجل الياء وأقيس من هذا ان يكون يدي فعيلا في معنى مفعول كأنه قال يديتُ الجميل فهو ميدى ويدي كما يقال مرمي ورمي وقالوا هوفي عيش يدى أي واسع فيجوز أن تكون بيت ضمرة من هذا أيضاً وكل ذلك يرجح إلى معنى واحد وأنشد الفراء:

جزاني يديي أنني كنت رُبما ... جفوت له في الزاد بعض عياليا

وحكى بعضهم يدى على مثال رحى وأنشدوا أبياتا تجوز ان تكون مصنوعة منها:

قد أصبحوا لا يمنحونك نُقرة ... حتى تمد اليهم كف اليدا

وقول الراجز:

يارب سار بات ما توسدا ... الاذراع العنس أو ظهر اليدا

فان صح ذلك فهو فعَلُ لا غير إلا أنه قد يجوز في الشيء لغتان فعْلُ وفعَل فأما قول الآخر: (١) رواه فى اللمسان:

يديان بيضاوان عند محرّق ... قد تمنعانك أن تُضام وتُضهدا

<<  <   >  >>