للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وإذا جمعت آياء على مثل أزمان وأجمال قلت آيا فقلبت الياء الآخرة همزة كما فعلت في سقاء وقضاء ولو صغرت على رأي الخليل لجاز لك أن تقول ثُديُّ وثديٌّ ولو صغرت على القول الآخر وهو مذهب من يرى أن أصلها إية بالتشديد لقلت كما قلت في القول الأول لأنه يرجع إلى مثل حاله فأما من زغم انها فاعلة في الأصل فيلزمه أن يقول في تصغيرها أوية لان الألف عنده الألف فاعلة وليست منقلبة عن الياء وإنما هي كألف ضارب وطالب وهذه الألف تصير واواً في التصغير والجمع فتقول طُويلب وغويلب وإذا سميت رجلاً طالبا قلت في جمعية طوالب ولوا ان الاشتقاق دلا على ان آية من ذوات الياءين لجاز ان يدعى فيها انها من أوى كأنها علامة يأوى إليها الضل فتكون الفها منقلبة من الواو وتصح الياء لأجل علة العين ولو صغرت على هذا الرأي لقيل أوية ترد إلى الأصل كما ترد الساحة إليه.

وغاية استدل على انها من ياءين بقولهم غييت غاية وهو نحو الراية وقالوا غياية للسحابة ولولا ذلك لجاز ان تقول في غاية إذا عني بها الراية انها من ذوات الواو مأخوذة من قولهم تغاوى القوم إذا اجتمعوا كأنهم يريدون الاجتماع إلى الراية المنصوبة.

ورابة يذكرها النحويون في هذا الباب وقد همزها بعض العرب وإذا همزت فهي من رأيت وليست من باب آية لأنها حينئذ فعلة بسكون العين ولم يجتمع في آية من الحروف العلة.

فإن قيل فقولهم للشجرة آءة وجمعها آء من قول زهير:

لهُ بالسيّ تنومُ ووآء

هل يجوز ان يكون مشتقا من أصل آية وقلبت الياء الآخرة همزة أو من اويتُ فقلب ت الواو الفاً واجتمعت في الحرف علتان قيل لا يجوز ذلك عند أهل القياس على ان شذوذ الحرف الواحد أو الحرفين لا ينبغي ان يمنع منه مانع بحال لأن الأشياء قد تخرج عن القياس والأقيس في آء ان يكون مبنيا من همزتين بينهما حرف عليل فيكون من باب غاغة وطاط وهو مما لما ينطقوا منه بالفعل لأنهم كرهوا ان يقولوا آء يوءوء مثل عاع يعوع وإذا اجتمعت الواو والياء في صدر الكلمة كرهوا ان يصرفوا منها الفعل وذلك مثل يوم وويح وويل وويس وويب والوين وهو العنب الأسود ويقال الزبيب لم يبنوا من هذا كله فعلا لأنهم لو فعلوا ذلك لم يكن لهم بعد من الاعلال فيقولون وآل بويل وواس بويس ويام ييوم ولعلهم كرهوا ذلك لأجل الهاء التي تلحق في المضارع ثم جعلوا حروف المضارعة تابعة للياء كما جعلوها تابعة لها في باب يعد ويزن ولم يفعلوا بالهمزة مثل ذلك ولكن أجروها مجرى الحروف الصحاح فقالوا آن الأمر يئين وآمت المرأة تئيم وآب الغائب يؤوب وكرهوا مثل ذلك في الأء لأنه أثقل من هذه الأشياء إذ كان طرفاه همزتين ولو صرفوا منه الفعل لوجب ان يقولوا في الأمر أؤفلم يكن لهم بد من تخفيف الهمزة فيجعلونها واوا لانضمام ما قبلها فيصيرون إذا خاطبوا الواحد بالأمر كأنهم خاطبوا الجماعة إذا أمروهم من وأى أي وعد لأنك تقول للواحد إو وعدأ حسنا كما تقول ق زيدا وللاثنين إيا وللجميع أو فكلما كثرت الحروف التي جرت عادتها بألا بدال والعلة كانوا في تركها أرغب ويحكم على آء انه من ذوات الواو لأنها الغالبة على هذا الباب وإذا جهل أصل شيء من ذاك فعليها يحمل فتقول في تصغير آءة أوية ولو جمعناء على مثال أبواب لقلنا آوآء ولو جمعناه على مثل انور لقلنا آوء ويا فتى فصححنا الواو كما صححناها في أنور وادور ومن كان من لغته ان يهمز هذه الواو فيقول أدور وأقوس فأنه لا يجوز له ان يهمز في آؤء لأنه يجمع بين همزتين ولكنه ان أراد ذلك خفف الهمزة الثانية فجعلها واوا ثم قلبها إلى الياء كما فعل في باب ادل وهذا لان الضمة التي اوجبت الهمزة للواو تحول إلى الكسرة ولو جمعت آء على مثل نيران لقلت إيآن فان حففت الخمزة الثانية قلت إو ان فرددت الياء اصلها ولو جمعت آيا على فعلان لقلت إيان فأما شاء فألفه منقلبة من واو وهمزته مبدلة من الهاء يدلك على ذلك قولهم شويهة في التصغير وشياه في الجمع وليس قولهم شوي في معنى شاء بدليل على ان الهمزة في شاء منقلبة من ياء لأنهم قد يخففون الشيء تخفيفا لازما كما فعلوا ذلك في برية ونبي وكأن العرب مجمعة على ترك الهمز في الشوي. قال الراجز:

ان بني يربوع أرباب الشوي ... قوم يلبون السويق بالمني

من يشرب المني يحبل بصيي

<<  <   >  >>